شهد مدرج المختار السوسي بكلية الشريعة بآيت ملول أشغال ندوة علمية غير مسبوقة، اتخذت موضوع تخليق الحياة المهنية أساس محاورها التي شملت مهن التدريس و القضاء و المحاماة و الطب و الصيدية و الهندسة و الإعلام و غيرها من المهن الحرة، و ذلك بحضور نخبة من الأسماء البارزة في مجالاتها، يتقدمهم عميد الكلية الدكتور عبد العزيز بلاوي الذي افتتح أشغال الجلسة على الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء 11 دجنبر 2013.
عرفت الندوة حضورا طلابيا كثيفا حد اكتظاظ مدخل المدرج، حيث استهل عميد الكلية الدكتور عبد العزيز بلاوي افتتاحية أشغال الندوة مرحبا بالحضور الكريم، أساتذة و طلابا و طالبات و أطر إدارية و ممثلي الاعلام المحلي و الوطني، في رحاب الكلية الشرعية التي كانت و لا تزال "قبلة لملتقيات علمية جادة و شديدة الصلة بمحيطها و بنبض مجتمعها"، منوها باستجابة "ثلة من الخبراء و المختصين في شتى المرافق العمومية و المهن الحرة" للدعوة لعقد هذه الندوة العلمية التي تعتبر "تكملة لرسالة ندوة السنة الماضية المنظمة بشراكة مع هيئة المحامين بأكادير".
تناول المحور الأول لـ"ندوة أخلاقيات المهن" موضوع "التكامل الوظيفي الفعال"، من إلقاء الأستاذ أمنو البوطيبي المكون بالمركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بإنزكان، ليتناول الأستاذ الجامعي بكلية القانون بأكادير خالد البوهالي موضوع "الأستاذ الباحث بين ضرورة الالتزام الأخلاقي و الارتقاء المهني"، فيما خصص الدكتور محمد كولفرني المحاضر بذات الكلية موضوع "المقاربة السوسيوثقافية في أخلاقيات الأستاذ الجامعي".
قطاع الطب و الصيديلة بدوره تم تخصيصه بمحورين هامين تناول أولهما موضوع " المسؤولية التأديبية لأطباء الأسنان"، حيث ركز الدكتور صلاح الدين العثماني رئيس المجلس الجهوي للجنوب للهيئة الوطنية لأطباء الأسنان على أهمية استحضار الوازع الأخلاقي في ممارسة هذه المهنة و دورها في رفع جودة الخدمات، فيما أسهب زميله الدكتور الصيدلاني عبد المالك أكساب العضو بنقابة الصيادلة بأكادير في مدى ارتباط و استحكام ضابط الأخلاق في حسن تسيير مرفق الصيدلة و تجويد خدماته. ليتم اختتام الجلسة الأولى بتدخل الدكتور عبد الله أكرزام الأستاذ بكلية الشريعة بآيت ملول و عضو المجلس العلمي بالمدينة بموضوع "أخلاقيات مهنة الإمامة و الخطابة من خلال برنامج ميثاق العلماء".
أشغال الجلسة الثانية التي افتتحها الدكتور أحمد إد الفقه على الساعة الثالثة و النصف مساء، عرفت تناول ستة محاور ذات ارتباط بأهمية "تخليق المهن" قبل تقنينها، حيث استفتحت الأستاذة عالية شباطي القاضية بالمحكمة الإدارية بأكادير الجلسة بموضوع "القاضي بين الواجبات المهنية و القيم الأخلاقية"، ليستكمل أستاذ القانون بالكلية و المحامي بهيئة أكادير الدكتور قضا إبراهيم المحور الأول بالتذكير بأهمية استحضار المحامي للأخلاق في الممارسة في سبيل تجويد و ضمان حقوق المتقاضين.
القطاع العقاري بدوره و بحكم الممارسات اللاقانونية التي استحكمت مؤخرا بشكل متنام في هذا الميدان، فقد تم تخصيصه بمحور هام للدكتور محمد العلمي المحافظ العقاري السابق و الأستاذ بكلية القانون بأكادير بالحديث عن "الميثاق الأخلاقي لمستخدمي مصالح المحافظة العقارية، على ضوء مقتضيات التحفيظ العقاري"، بينما تناول الأستاذ خالد العثماني رئيس المجلس الجهوي لعدول دائرة محكمة الاستئناف بأكادير أهمية "أخلاقيات المهنة لتحقيق الجودة في التوثيق".
في ختام الندوة العلمية التي حظيت بتغطية هامة على المستوى الاعلامي و التي حضرت هبة بريس أشغالها، تناول الأستاذان أمغار مصطفى الرئيس الجهوي للموثقين بأكادير و الأستاذ محمود أبو الحقوق رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين موضوعي "دور الموثق في تدعيم الأمن التعاقدي" و "الارتقاء بمهنة المفوضين القضائيين كدعامة أساسية لتخليق منظومة العدالة"، ليتم فتح باب المناقشة بين المحاضرين و الطلاب الذين ظهر من خلال استفساراتهم ومدى اهتمامهم و مواكبتهم و تتبعهم لتفاصيل محاور الندوة.
و في كلمة خاصة بهبة بريس، عبر عميد الكلية الدكتور عبد العزيز بلاوي عن سعادته بنجاح أشغال الندوة التي تناولت موضوعا حساسا و هاما في تدبير المرفق العمومي من خلال "التمكين للرقابة الذاتية" كضامن أول للرفع من جودة الخدمة، في ظل قصور "التقنين و التشريع عن تلبية حاجات المرتفقين والتواصل معهم دون استحضار الجانب الأخلاقي"، على اعتبار كون " المسؤولية الأخلاقية أوسع وأشمل، كونها مسؤولية ذاتية لتعلقها بعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره".