حالة جد عادية -قصة -

حالة جد عادية -قصة
**************
ارتعب الناس وهم يتفاجأون به يصرخ بأعلى صوته "أعطوني حقوقي" ، يصرخ ولا ينظر الى أي أحد ، حدج الناس بعضهم البعض ، ونظروا الى بعضهم علهم يعثرون على من سرق حقوقه ، لكنهم كانوا جميعهم مندهشين مفزوعين ، وهو لا يشير الى على أي أحد .
"أعطوني حقوقي " ، ينتفض ، يلعن ،يسب ، يوجه كلامه عاليا ، ربما الى السماء ، أو الى الآفاق البعيدة ، فهو لايتوجه بنظره الى أي واحد ممن يشاهدونه . تطلعوا الى لباسه ، كان لباسا محترما ، حذاء رياضيا من النوع الجيد "NIKE" ، وسروال جينز "Levi;s" ، وقميص أزرق فاتح تتخلله خطوط بيضاء ، شعره مقصوص بعناية ومصفوف بأناقة ، يبدو انه من عائلة محترمة ولا شيئ ينقصه .
اتجه نحو وسط الشارع العمومي ، وقف ، خلع قميصه وبدأ يلوح به ويصرخ "أريد حقوقي " ، احتار الناس ، واصطفت السيارات وراء بعضها ، من الجهتين ، خرج رواد المقاهي المنتشرة على طول الشارع . قال احدهم :"انه احمد ، مسكين ذهب هو الاخر ، فقد عقله ، شاب عاقل ومهذب ، يا خسارة " رد عليه الآخر :" لكنه قبل قليل كان جالسا معنا ، لعب الرامي معنا "RAMI" ولم يكن يبد عليه أي شيئ ، تحدثنا بعد انتهائنا من اللعب عن واقعنا وأحوالنا ، ثم خرج ، هل يمكن ان يكون قد تعرض لسرقة ما ؟ " .
امتلأ الشارع عن آخر ه بالناس ، يتفرجون ويتابعون المشهد ، أحمد يصرخ ولا يقول الا جملتين " أعطوني حقوقي " "أريد حقوقي " ، ثم يسب ويشتم ويلعن بضمير الجمع ، أبواق السيارات قويت وتكاثرت ، وصف طويل يقف لعل أحمد يهمد ويخلي لهم الشارع ، لكنه يزداد اشتعالا وانفعالا ." هيا نستدعي أخوه أو أحد أبويه " ، قال أحدهم لصديقه ، رد عليه صديقه ، علينا أولا أن نخرجه من الشارع ، فأبواق السيارات تزيده انفعالا وكأنه يعاندها في نفيرها ، وعلينا أن نفرق هذه الجموع البئيسة التي اجتمعت حوله ، فهو في لا وعيه يتحداهم بعدما وصل به الأمر الى هذه الدرجة من الانفعال " .
تقدما نحوه وأمسكا به ، وأدخلاه القهوة ، وهو يعربد ويحاول ان ينتفض من بين أيديهم ،لكنهما أدخلاه أخيرا الى المقهى وأجلساه على أحد الكراسي ، عادت حركة السير في الشارع الى طبيعتها ، وواصلت السيارات حركتها العادية ، بينما بدأ الناس يتململون من أماكنهم ، وبعضهم ممن لا شغل يشغله ، بقي مصرا على متابعة الأمر رغم أن أحمد لم يعد يظهر لمن هو بالخارج ، بعد أن اختار من ادخله المقهى اجلاسه في زاويتها .
قدما له كوبا من الماء بعد أن هدأ قليلا ، شرب كأسه ، نظر اليهم بعين متحسرة وانهمرت دموعه من عينيه كشلال ، وضع يده على وجهه ، وانكمش قليلا . وانطلق في بكاء هستيري.

موقف مؤلم حقا ..لا يغيب على كل عربي هذه الأيام ..ولا يغيب على كل مغربي هذه السنوات الأخيرة .هو صورة مصغرة لكثير من المعطلين الذين يصدحون ليل نهار من أجل اسماع أصواتهم المبحوحة لا لشيء سوى طلب المسلوب منهم وليس اكرامية من أحد

شكرا لك على كتبته

سلمت يداك على هذا الأبداع

الله يعطيك الصحة اخي  على طرحك لهذه الحالة الواقعية التي يكتوي بنارها خيرة شبابنا .بالمناسبة فالناس الذين تجمهروا لفضول المعرفة قد يشفقون على حال الضحية ولا شيء اخر اما انا رغم عدم رايته مباشرة فقد احسست بمدى مرارته  واعلم بخيبة امله لضياع حقه لاني مررت بالتجربة 11سنة .الله يصلح الحال ورمضان كريم