لقاء الأرواح-قصة-

لقاء الأرواح -قصة-
************
من بعيد رأته يلوح بيده ، بعد أن انحنى ، لأحد ما مودعا اياه ، لم يدر بخلدها أن تتساءل عن جنس من ودع ؛ هل كان امرأة أم رجلا . تركت البائع يزن الموز ، واتجهت نحوه ، نادى عليها البائع كي تستلم موزها ، لكنها لم تكترث لندائه ، فوضعه في الكيس الذي تركته بجانبه ، وحرك رأسه لغرابة تصرفها .
صورته صمت أذنيها . أو ربما كانت أذناها تساعدان عينيها للقبض على هيأته خوف أن تختفي بين أجساد المتسوقين والعابرين . أسرعت الخطو نحوه ، وهو لايدري أن امرأة تتبعه .واصل سيره بعفوية ، ولم يلتفت .
لم عليه أن يلتفت ؟ هو لا يدرك أنها تتبعه . يحيي كل من يلتقيه ، ينفث دخان سيجارة يحملها بين أصبعي اليد اليسرى ، وباليد اليمنى يحمل كيسا فيه بعض المواد الاستهلاكية الخفيفة .
تتلهف لرؤيته والوقوف معه ، والحديث اليه ، هي لم تلتقه يوما ، ولا تعرفه شخصيا . لكن صورته التي رمقتها من أمام بائع الفواكه ، تعرفها جيدا ، هي نفس الصورة التي تكونت من ذاتها في ذهنها منذ زمن بعيد . وهذا هو السبب الذي جعل كل علاقاتها مع كل الرجال الذين عرفتهم ، مجرد فقاعات الصابون أو الشامبوان ، أو كان كل الرجال الذين عرفتهم وسائل تسلية لبلوغ متعتها الحقيقية . أو أحجار عبور النهر للاستراحة فوق اليابسة .
تخيط الممرات التي تصصطنع بين الناس بتلقائية التحركات العفوية بين جهات السوق ، لكن هذه العفوية نفسها تجعلها تثقل مشيتها ، وتبطئ من مسيرها . تغتاظ مع نفسها ، ترمق الوجوه بعصبية ، تكاد تسب وتلعن وتشتم هذه الأجساد التي تحول دون سرعة لهفتها للقائه . لكنها سرعان ماتنسى كل ذلك ، فرغبتها الحارقة التي اشتعلت فجأة تطفئ تفاهات الغيظ .
ظله يتلوى مع كل انعطافة ، توقف لينظر الى ساعته ، كي يجيب سائله ، وانتصب ظله في مكانه ثابتا . فكرت في مناداته ، لكنها انتبهت أنها تجهل اسمه ، أسرعت في خطوها ، وقررت أن تجري بكل طاقاتها نحوه .
وعند الجانب المؤدي الى أحد الشوارع التي بها مسكنه ، لحقت به .
-هييه ، أنت توقف !!!!
قالتها بصيغة آمرة !! استدار ، نظر الى وجهها المتورد ، انتبه الى لهاثها المتواتر ، ابتسم في وجهها ،كأنه يعرفها منذ زمن طويل . حاول تذكر اسمها ، لكنه تفاجأ أن اسمها لا يوجد في قائمة الأسماء التي تختزلها ذاكرته .
-نعم سيدتي .
لم تجد ما تقوله اياه ، تأملته ، تفرسته ، انه هو ، نفس الرجل الذي كنت أبحث عنه ، نفس الصورة التي تكورت في ذهني . قالت في نفسها .
لم يتفاجأ من صمتها ، كأن الجواب قد جاءه وحيا ، دعاها الى بيته كي تستريح ، وتشرح له الأمر .

أشكر لك حرصك على تقديم ماينفع أخواتك وإخوتك
فالقصة مثيرة حقا