المدرسة ليست بالضرورة صورة للواقع
م لهبة بريس ( إعداد ) : رشيد صفـر
بتعاون مع جمعية التضامن الجامعي المغربي، وتنسيق مع الجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية بالمغرب نظمت الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم (أماكن)، ملتقى حول مستقبل التعليم بالمغرب، وذلك يوم السبت 23 نونبر 2013، بقاعة العروض محمد عابد الجابري، بمقر نادي الهمداني للتعليم بالحي الحسني بمدينة الدار البيضاء، وقد اتخذ المنظمون شعارا لهذا الملتقى "مقاربات استشرافية للمدرسة العمومية"، ومن دواعي تنظيم هذا اللقاء التربوي تقديم "مشروع تصور استراتيجي لمدرسة الغد".
هذا وقد شارك الأستاذ "الحبيب عمي" العضو النشيط بجمعية (أماكن) في هذا الملتقى، إذ قدم عرضا في سياق التواصل والتعريف بمشروع الجمعية المتعلق بـ "استرتيجيا" التربية والتكوين لمغرب 2030، إذ ارتكز عرضه على اقتراح مشروع ميثاق وطني جديد للتربية والتكوين، يتماشى والتطورات والمستجدات التي عرفها المغرب والعالم من حوله، مع مطلع القرن الواحد والعشرين، ويُراعي في بعده الاستشرافي، المدى البعيد فالمتوسط قبل القصير.
وقال "الحبيب عمي" أن الهدف الأساسي هو فتح نقاش عبر جهات المملكة، مع مختلف الفاعلين والمهتمين وكافة مكونات المجتمع المدني، من أجل إثراء هذا المشروع حول مستقبل التربية والثقافة بالمغرب.
وخلال مداخلته، تطرق "الحبيب عمي" في البداية، إلى سياق ومنطلقات هذا المشروع الذي يتألف من إطار عام وإطار موضوعاتي. وقد أبرز أن السياق العام يتميز بالتحديات التي يفرضها مجتمع المعرفة على جميع الدول، وفي مختلف المجالات وكذا التحولات الإقليمية وتأثيرها على الحياة السياسية في المغرب؛ أما السياق الخاص فهو سياق تربوي ويتميز بانصرام "عشرية التربية والتكوين" المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، وبواقع الحال والوضعية التي تعيشها منظومة التربية والتكوين ببلادنا، وأساسا بمتطلبات التأسيس لمشروع مجتمعي وحضاري من طرف منظومة التربية والتكوين.
وبعد ذلك ذكر بالمنهجية العامة المعتمدة، ومراحل وخطوات بناء التصور الاستراتيجي بدءاً بإطلاق المبادرة ثم تحديد الرؤية والطموح من خلال تحليل التماسك الثقافي والإطار المرجعي للهوية حيث تم التأكيد على التناقض بين الخطاب والسلوك و عدم التوازن في ممارسة ثقافة الحق والواجب.
ويرتكز سيناريو التطوير الذي تنشده الجمعية لمدرسة الغد على ما اصطلح عليه ب "المدارس الأربع" وهي مدرسة التفتح و مدرسة المهارات الحياتية ومدرسة المعرفة والثقافة ومدرسة التمكن والمسؤولية.
وفي مقاربته للمكون الأول الخاص بوظائف ومهام المنظومة فقد ابرز " لحبيب عمي"، بأن المشروع يحدد وظائف المنظومة أساساً في شقين اثنين، أولاً إعداد الفرد كمواطن للقيام بأدواره المجتمعية وثانياً تكوين الكفاءات الضرورية التي يتطلبها إرساء واستدامة اقتصاد وطني صلب وتنافسي.
ووفق التصورالمذكور، تتضمن المهام ثلاث أبعاد رئيسية مهمة : بُعد التنشئة الاجتماعية والبعد التثقيفي وبُعد التأهيل، كما أفاد "الحبيب عمي" الذي أوضَحَ أنه سيتم تضمين هذه الوظائف والمهام مفصلة في وثيقة مرجعية وطنية، أكد أنها منسجمة مع مرجعيات البلد، ومندمجة في مرجعية القيم المشتركة، اعتمادا على مقاربة المشروع لما ينبغي أن تقدمه منظومة التربية والتكوين إلى جميع المستفيدين من هذه الخدمات وفي مقدمتهم المتعلمين.
وعن سؤال "هل ينبغي للمؤسسة التعليمية أن تعيد إنتاج المجتمع كما هو، أم أن تكون أداة لبناء مجتمع الغد؟" فقد تم التأكيد في المنطلق وبوضوح على أن المدرسة ليست بالضرورة صورة للواقع، بل يجب أن تروم إعداد أجيال الغد بحس مستقبلي، فالمدرسة تغرس قيماً في حدودها المثلى سواء كانت أخلاقية أو اجتماعية، وأورد ذ "الحبيب عمي" على سبيل المثال اللغة التي يتم استعمالها في الفصل الدراسي موضحا أنها ليست هي التي نتخاطب بها في المجتمع، لذا فالمدرسة حسب المتحدث تضمن البناء المثالي للغة . ولهذا ركز التصور للمشروع، على سؤال أي مجتمع نريد؟ وسؤال : أي نوع من التوازن نبتغي بين حمولة القيم والمقومات الثقافية والمكتسبات من المعارف والمهارات ؟.
وقد تم الاستناد في هذا المشروع الذي يروم إلى تحسين جودة التعليم في المغرب، إلى دستور البلد الذي يحدد مكونات وروافد الهوية المغربية سواء تعلق الأمر بالبعد الديني أو البعد اللغوي أو البعد الحضاري.