نحو تبنى إدماج مؤسسة (المسيد) في دعم التعليم الأولي والموازي في البوادي المغربية
صحيفة الأستاذ الجمعة 8 نوفمبر 2013
من الجدير بتجربة كهذه أن يتبناها عدد كبير من رجال التعليم في العالم القروي. وعبر ممارسة ثقل اقتراحيٍّ تتقدم به الادارة التربوية عبر مراسلات الى النيابة المعنية، يمكن أن تنتج تطورا لا أستبعد أن يؤدي الى برمجة تكوينات للقيمين الدينيين في العالم القروي مشاركة بين وزارتي التربية الوطنية والاوقاف والشؤون الاسلاميـة.
ليست لدينا احصاءات عن عدد القرى التي لا تزال فيها مؤسسة المسيد تواصل نشاطها السوسيوتربوي، لكن الانطباع العام الذي لا يمكن التأكد منه ميدانيا بصورة إحصائية للأسف الشديد، أن هذه المؤسسة العريقة قد تأثرت كثيرا بغزو “المدرسة” مجالا اعتُبر منذ قرون فضاء تعليميا ينفرد فيه الفقيه بالسلطة الروحية والتربوية والتدريسية.
والمنهاج التعليمي بالسلك الابتدائي المغربي لا يميز بين الفضائين المدرَسيّين القـروي والحضري، أليس في هذا ظلم يقع على التلميذ القروي؟ فالمادة التعليمية التي تتضمنها مقررات هذا السلك تتطلب، حتى تتأسس جيدا، أن يكون المتعلم قد مرّ من المرحلة الأولية. فما هي نسبة المتعلمين القرويين الذين مروا فعلا من هذه المرحلة؟
اذا جاز لنا أن نتحدث عن بديل (قيادي) لغياب إشــراف الدولة على القرى (النائية) لقلنا بكل اطمئنان: إنه رجل المسيد، إمام المسجد، القائم بالصلوات الرواتب ومعلم الاولاد القراءة والكتابة ومحفظهم القرآن، والمنظم الروحي للروابط الدينية.
ومع مجيء عهد التعميم وبعد المعالجات الاخيرة لوزارة الاوقاف لملفات القيمين الدينيين تضررت مكانة هذا الرجل. لقد أصبح عاطلا. خامدا!
ما لم تتفق عليه كل من وزارة التربية الوطنية ووزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية هو ان مؤسسة المسيد في بيئة العالم القروي تعتبر ثروة شبيهة بالطاقات البديلة. إنها تقدم حلولا نوعية بديلة لمعضلات عديدة أهمها اثنتان: مشكلة التعليم الاولي المنعدمة ـ تقريبا ـ في قرانا، ومشكل التعلم الموازي الذي يفتقر اليه المتعلمون بسبب طبيعة الاسر القروية التي لا توفر إمكانات مطلوبة للمراجعة المنزلية. لنأخذ حالة أستاذ يتنقل إلى المؤسسة التي يعمل فيها بصورة يومية. وقد قسم متعلميه الى مجموعتين رئيسيتين، مجموعة سبق وتلقت على يدي فقيه المسجد مبادئ الكتابة وحفظت عددا لا بأس به من سور القرآن. وأخرى لم تتوفر لها هذه الامكانية، ولاحظ أن المجموعة الأولى هي التي تستفيد من عمل القسم بصورة طبيعية، من تفاعل ديداكتيكي وإنجازات منزلية. بينما تظل المجموعة الثانية ضيفا ثقيلا وعبئا أثقل.
بعد مراجعة لجدول الزمن الاسبوعي ومشاورة مع امام المسجد اتفق تم الاتفاق على استقبال المجموعة المتعثرة مع مراعاة الفضاء الزمني لكلا الجانبين.
النموذج أعلاه يمكن الاستئناس به لتسجيل جملة ملاحظات:
ـ إن عادة إرسال الاولاد الى المسيد موازاة مع دروس القسم لا تزال سارية فعلا في عدد من القرى.
ـ يقدم المسيد خدمة هامة جدا تتمثل في استفادة الاولاد على مستوى القراءة والكتابة وتطوير ملكة الحفظ. فضلا عن ترسيخ الاحزاب الاخيرة من القرآن.
ـ بما أن المسيد هو النموذج الأصلي للقسم المشترك فأن هذا من شأنه أن يذيب كثيرا من عوامل رهبة المتعلم الجديد من العملية التعليمية عامة ويهئيه لولوج النظام التعليمي.
ـ إن هذا التنسيق اذا لم تتدخل فيه الدولة بصورة إيجابية فيجب ان يبقى “محايدا”، إذ أننا نخشى ان تكون الدولة بطريقة تدبيرها لملف تعميم التعليم مسؤولة أيضا عن “تحييد” إمام مسجد القرية من وعي الجماعة. ولربما يكون في هذا تفسير جانبي لكثير من التصدعات التي بدأت تغزو الوعي الأخلاقي القروي.
سنتابع هذا الموضوع آملين ان يلقى متابعة طيبة واضافات عملية.
حسن أردة