دروس مقرر الاجتماعيات الجديد + الجذع المشترك + اولى باك.الجزء2
لاكتشافات الجغرافية و ظهور الرأسمالية التجارية
مقدمة:
يطلق لفظ "الاكتشافات الجغرافية" على الرحلات البحرية التي قام بها الأوربيون خلال القرنين 15 و 16 و التي أسفرت عن اكتشافهم للطريق البحرية إلى الهند عبر رأس الرجاء الصالح للقارة الأمريكية. و قد تظافرت عوامل اقتصادية و دينية و معرفية لحدوث الاكتشافات الجغرافية، و ترتب عنها تكوين إمبراطاريات استعمارية و ظهور الرأسمالية التجارية.
ساهمت عدة عوامل على قيام الاكتشافات الجغرافية التي مرت بمراحل مختلفة:
1- تعدد العوامل الاقتصادية و الدينية أهم دوافع الاكتشافات الجغرافية:
- عرفت أوربا ابتداء من القرن 10 م و إلى الرابع عشر تحولات ديمغرافية و اقتصادية هامة نتج عنها ارتفاع الطلب على المواد الآسيوية (الحرير و التوابل) و المعادن النفيسة (الذهب و الفضة) و قد كانت هذه المواد تصل إلى أوربا عبر وساطتين؛ وساطة العرب المسلمين الذين يراقبون طرقها و وساطة الإيطاليين الذين يوزعونها على دول أوربا، إلا أن ارتفاع أسعار هذه المواد في أوربا تفعل تعدد الوساطات، جعلت الأوربيين يفكرون في الوصول مباشرة إلى مناطق الإنتاج.
- أما الدوافع الدينية تتمثل في دعوة الكنيسة إلى نشر المسيحية في الأقطار البعيدة، فاختلقت أسطورة الراهب يوضيا.
- و ساعد تقدم المعارف الجغرافية و تطور تقنيات الملاحة على حدوث حركة الاكتشافات الجغـرافية حيث تعـرف الأوربيـون بواسطة العـرب علـى البوصلة و الاصطـرلاب و تطورت صنـاعة السفـن خـاصة بعـد صنـع سفينـة الكرافيـلا (و تتميز بأن طولها لا يتجاوز 30 متـرا و سرعتها 10 Km/h).
2- تمت أهم الرحلات الاستكشافية على يد البرتغال و الاسبان:
ساهمت الظروف الداخلية بشبه الجزيرة الإبيرية في انطلاق حركة الاكتشافات الجغرافية:
- البرتغال: تحققت الوحدة السياسية في بداية القرن 15 م و أصبح يتمتع باستقرار نسبي، قرب البرتغال من المحيط الأطلنتي و الشواطئ الإفريقية.اسبانيا: تحققت الوحدة السياسية داخل البلاد بين مملكة أرغون و مملكة قشتالة (بعد زواج فردناند و إيزابيلا سنة 1469 م، فمكنت هذه الوحدة من التخفيف من النزاعات الداخلية و من تعزيز القوة العسكرية لمواجهة الوجود العربي بالإبيريا، و اشتد التنافس بين البرتغال و الاسبان حول المناطق المكتشفة فالتجأ الطرفان إلى إبرام معاهدة "تورد سيلاس" "Torde sillas" سنة 1493 التي منحت البرازيل و افريقيا و آسيا للبرتغال و تركت الاسبان حق التوسع في جل الأراضي الأمريكية و رفضت باقي الدول هذا التقسيم.
أسفرت الاكتشافات الجغرافية عن نتائج متعددة:
1- قادت البرتغال و الاسبان حركة استعمارية وحشية بالمناطق المكتشفة:
- البرتغال: نظرا لقلة عدد سكانها اقتصرت في توسعها على المناطق الساحلية، و كونت بها مراكز تجارية لتأمين مرور سفنهم، و اهتموا بالمحيط الهندي حيث تجارة التوابل و احتكارها نهجوا سياسة العنف و الإرهاب ضد الأهالي في الهند، و ضد السفن العربية المتجهة نحو الهند. كما قاموا باستغلال خيرات البرازيل حيث طوروا زراعة قصب السكر، و دفعتهم الحاجة لليد العاملة إلى جلب الرقيق من افريقيا.
- اسبانيا: كونت إمبراطورية استعمارية على التراب الأمريكي و مارسوا سياسة الإبادة ضد الأهالي، فتم القضاء على حضارة الأزيتك بالمكسيك و الأنكا في الشيلي و البيرو من أجل الحصول على الذهب و الفضة.
2- تحولت الطرق التجارية لصالح بلدان أوربا الغربية:
- انتقل الثقل التجاري الدولي من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلنتي و استفادت منه الدول المطلة عليه و مدنها: لشبونة، اشبيلية ثم أنفرس و أمستردام. و كان من نتائج هذا التحول القضاء على الوساطة العربية و الإيطالية فيما يخص تجارة التوابل كما أن احتلال البرتغاليين للسواحل المغربية و وصولهم إلى سواحل إفريقيا جنوب الصحراء و أوربا.
- نتج كذلك عن الاكتشافات الجغرافية تدفق مقادير كبيرة من الذهب و الفضة على أوربا، و كانت اسبانيا هي المستفيد الأول من هذه الثروات الجديدة، و لكن حاجتها إلى السلع الاستهلاكية جعلت نقودها الذهبية و الفضية تتحول لإغناء باقي بلدان أوربا.
ترتب عن تطور الاقتصاد الأوربي ظهور الرأسمالية التجارية:
1- أفرز تطور الاقتصاد الأوربي نمو فئة بورجوازية تجارية:
عرف القرن 16 م ظاهرة ارتفاع الأسعار بنسب مختلفة حسب المناطق بدأ الارتفاع من اسبـانيا و انتقل إلى هولندا و فرنسا و انجلترا و ذلك بسبب تدفق الذهب و الفضة على أوربا.
و أدى ارتفاع الأسعار إلى تضرر النبلاء و العمال و الحرفيين، في حين استفاد التجار من المضاربة و برزت فئة اجتماعية جديدة هي طبقة التجار الكبار و الصيارفة تمكنت من جمع أموال ضخمة و التحكم في التجارة و الصناعة و الأبناك، و ظهرت من بينها أسرة فوكر Fugger (انظر نص ص 10).
2- ازدهر الاقتصاد المركنتلي في أوربا خلال القرن 17 م:
يقوم الفكر المركنتلي على مبدأين أساسيين:
*الأول: أن قوة الدولة مرتبط بمدى ما تتوفر عليه من معادن نفيسة.
*الثاني: أن على الدولة توجيه الاقتصاد كالرفع من الصادرات و تقليص الواردات و تشجيع الصناعة المحلية لمواجهة المنافسة الخارجية و ضمان الأسواق بإنشاء المستعمرات.
و من مظاهر المركنتيلية تأسيس الشركات التجارية الكبرى التي تتمتع بتشجيع الدولة، و أصبح لها نفوذ اقتصادية و عسكرية مثل شركة الهند الشرقية الهولندية (1602 م) التي هيمنت على تجارة التوابل، و شركة الهند الشرقية البريطانية التي نافست الأولى بإصدار قانون الملاحة ص 1660 و قد لعبت هذه الشركات دورا مهما في التجارة المثلثية.
خاتمة: أحدثت الاكتشافات الجغرافية تحولات عميقة على تاريخ أوربا و العالم و اعتبرت بذلك بداية تحول أوربا نحو عصر جديد هو عصر النهضة الأوربية.
HG : الفلاحة و الصيد البحري في المغرب
الفلاحة و الصيد البحري في المغرب
مقدمة: يلعب القطاع الفلاحي دورا حيويا في الاقتصاد المغربي حيث يشغـل حـوالي 35% (سنة 1992) من السكان النشيطين إلا أنه يواجه عدة صعوبات تنعكس بشكل سلبي على تطويره و تبدل الدولة مجهودات لتجاوز هذه الصعوبات. فما هي العوامل المؤثرة في الفلاحة المغربية ؟ و إلى أي حد ساهمت جهود الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي ؟.
يواجه النشاط الفلاحي في المغرب صعوبات متنوعة رغم المجهودات التي تبذلها الدولة:
1- يعاني النشاط الفلاحي من قساوة الظروف الطبيعية:
• عدم انتظام التساقطات حسب الفصول و السنوات من جهة، و عدم كفايتها من جهة ثانية إذ أن معظم الأراضي يتلقى أقل من 400 mm.
• ارتفاع درجات الحرارة بسبب الانفتاح على التيارات الصحراوية القادمة من الجنوب، إلى جانب ارتفاع درجة التبخر.
• دور توزيع و انتظام السلاسل الجبلية في التأثير على التساقطات إذ أن الجهات الغربية أكثر مطرا من الجهات الشرقية.
• عدم تجاوز مساحة السهول الأطلنتية 22% من المساحة العامة رغم تلقيها كميات هامة من الأمطار، كما أن الأراضي الخاصة للزراعة لا تتجاوز 11,6% من المساحة العامة.
2- تعدد وضعية النظام العقاري و أساليب الاستغلال من العوامل التي تحد من تطور الفلاحة المغربية:
• وجود نظام عقاري يتضمن عدة أشكال تتباين فيما بينها من حيث حق الانتفاع و التصرف حيث تواجه أراضي التملك الخاص و أراضي الجماعة و الدولة و الكيش و الأحباس.
• وجود تباين و اختلاف في حجم المستغلات مما يؤثر بشكل واضح على المردودية إلى جانب انتشار الملكيات ذات المساحة الصغيرة.
• وجود تباين في طرق الاستغلال حيث يوجد استغلال مباشر و آخر غير مباشر كالتعاقد مما يؤثر سلبا على الإنتاج.
كل هذه العوامل و الصعوبات تؤدي إلى صعوبة الإنتاج و المردودية و تقلص مداخيل الفلاحين خاصة الصغار منهم.
3- تبذل الدولة مجهودات لتطور الفلاحة و تجاوز الصعوبات:
• اهتمام المخططات الاقتصادية بالقطاع الفلاحي من أجل رفع الإمنتاج و تنويعه قصد تحقيق الاكتفاء الذاتي و المساهمة في إنعاش الصادرات و بعض فروع الصناعة.
• العمل على النهوض بالقطاع الفلاحي عن طريق إنشاء عدة مؤسسات لتكوين الأطر الفـلاحية و تأطير الفلاحين في مراكز الأشغال و إنشاء الصندوق الوطني للقرض الفلاحي، إلى جانب توفير البذور المنتقاة و الأسمدة و الأشجار المثمرة و غيرها.
• العمل على توسيع قطاع السقي العصري و تطوير التقنيات المعتمدة و القيام بحملات على الصعيد الوطني كعملية الحرث و عملية السماد.
يتوفر المغرب على إنتاج فلاحي متنوع و على ثروة سهلية هامة:
1- يتسم الإنتاج الزراعي بتنوع كبير إلا أنه غير كافي لتحقيق الاكتفاء الذاتي:
• تعد الحبوب أهم المنتجات الزراعية، حيث أنها تحتل مساحة هامة من الأراضي الصالحة للزراعة (انظر المبيان ص 54) و يرتبط إنتاج الحبوب بالظروف المناخية لذلك يكون المحصول وفيرا في السنوات الممطرة و ضعيفا في السنوات الجافة. و يعرف اختلافا من حيث الأهمية حسب الحبوب الشتوية و الربيعية:
- فبالنسبة للحبوب الشتوية يحتل الشعير المرتبة الأولى حيث تنتشر زراعته على مساحة تناهز ½ الأراضي المخصصة للحبوب لقلة متطلباته من الأمطار و يأتي بعده القمح بنوعيه الطري و الصلب، و يزرعان في المناطق التي تتوفر على ظروف مناخية ملائمة و في النطاقات السقوية.
- أما الحبوب الربيعية: تزرع في نهاية فصل الشتاء بسبب حاجتها للحرارة و الرطوبة و تشمل الذرة و البستنة و الخرطال إضافة إلى الأرز.
و رغم تزايد إنتاج الحبوب بصورة ملموسة فإنه لا يكفي سد الحاجيات المتزايدة للبستان.
و قد عرفت المساحة المخصصة للقطاني توسعا مهما حيث تزرع بالتناوب مع الحبوب للحفاظ على خصوبة التربة.
• المغروسات الشجرية و الخضروات: تمثل المرتبة الثانية بعد الحبوب حيث تغطي ما يقرب 11% من المساحة الزراعية (و هي تدخل ضمن ما يسمى بالبستنة).
- و تمثل أشجار الزيتون أكثر الأشجار المثمرة انتشارا، حيث تغطي ما يعادل 40% من المساحة المخصصة لمغارس أشجار الفواكه.
و تأتي بعدها الحوامض، عرفت المساحة المخصصة لها بعض الاستقرار بسبب المنافسة في الأسواق الخارجية.
و تمثل الكروم المرتبة الثالثة بمساحة تقدر ب 50.000 هكتار، و هي نوعان: نوع موجه لإنتاج عنب المائدة و الآخر لإنتاج الخمور كما تنتشر على المغرب أشجار فواكه أخرى و في مقدمتها ما يعرف بالورديات المثمرة (اللوز، التفاح، البرقوق، الإجاص و غيرها).
- أما بالنسبة لزراعة الخضر فقد عرفت تطورا كبيرا، رغم أنها لا تحتل سوى 2% من مجموع الأراضي الزراعية و هي تركز بالأساس على طزل الشريط الساحلي الأطلنتي الممتدة من الرباط إلى آسفي (و نميز فيها بين صنفين: زراعة الخضر الموسمية و زراعة البواكر).
• المزروعات الصناعية: و تشمل الشمندر و قصب السكر و القطن و المزروعات الزيتية مثل عباد الشمس و الفول السوداني.
استنتاج: رغم المجهودات التي تبذلها الدولة من أجل تطوير الفلاحة فإنها لم تحقق بعد الاكتفاء الذاتي خاصة في إنتاج الحبوب في حين أنها تتوفر على فائض في إنتاج بعض المزروعات التسويقية (الحوامض) إلا أن هذا الفائض أصبح يعاني من حدة المنافسة الأجنبية خاصة داخل المجموعة الاقتصادية الأوربية.
2- تعد تربية الماشية قطاعا مهما في الاقتصاد الفلاحي إلا أن ... يتسم بعدم الاستقرار:
• تبرز أهمية هذا القطاع في الاقتصاد الوطني في مساهمته بما يزيد عن 1/3 قيمة الإنتاج الفلاحي، و في استغلاله لقسم مهم من الأراضي الموجود في المناطق الجافة و شبه الجافة. و يعد بالنسبة للفلاحين وسيلة للاستثمار و الادخار.
• و تختلف أساليب تربية الماشية بحسب المناطق، ففي المنطقة الأطلنتية يسود أسلوبان للرعي هما: الرعي الواسع و الرعي المكثف، أما في المناطق الجافة و شبه الجافة و المناطق المرتفعة فالأسلوب السائد هو الانتجاع (التنقل بحثا عن الكلأ).
• و رغم أهمية المساحات الرعوية و تزايد الاهتمام بتربية الماشية و تحسين أنواع النسل، فإن مردودية القطيع ضعيفة، إذ ما يزال يعاني من قلة الكلأ في المراعي + نقص المزروعات العلفية + قلة الحظائر + ضعف اهتمام الفلاحين بالرعاية البيطرية.
• و تحاول الدولة باستمرار تطوير هذا القطاع مع تعويض النقص الحاصل في مجال اللحوم بتطوير قطاع تربية الدواجن و كذا الصيد البحري.
3- يتوفر المغرب على ثروة سمكية كبيرة و متنوعة:
• و ذلك بفضل امتداد سواحله على طول 3500 km + تمديد المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة إلى 200 ميل و تميز هذا المجال بوجود تيارين بحريين متباينين من حيث الحرارة يساعدان على خلق مجال خصب لنمو الأسماك.
• و تأتي أنواع السمك السطحي المحيطي (السمك الأزرق) مثل السردين، في مقدمة الثروات السمكية بالمغرب، ثم يليها أنواع السمك القاعي (السمك الأبيض).
• و ينقسم أسطول الصيد البحري إلى أسطول للصيد الساحلي غالبية وحداته تقليدية، و يساهم بحوالي 85% من مجموع الكمية المعطاة و أسطول للصيد في أعالي البحار، و هو أسطول مجهز بمعدات متطورة.
• و يوجه معظم إنتاج الصيد البحري نحو التصنيع و التصدير، و تعرض هذا القطاع لبعض المشاكل منذ أواسط الثمانينات منها: الاستنزاف تزايد عدد الأساطيل العامة بالمياه المغربية الوطنية منها و الأجنبية الضغط على المصايد طول السنة عدم مراعاة البيولوجية استخدام شباك محظورة دوليا...
خاتمة: يساهم قطاع الفلاحة إلى جانب قطاع الصيد البحري في تنمية صادرات المغرب من المواد الفلاحية و الأسماك و في تطوير بعض فروع الصناعة المغربية