يرى أصحابه أن المدركات الحسية لا تقدم إلا صورة مشوهه عن
الوجود ، وانه لا يمكن فهم حقيقة الوجود إلا بالقوانين والتعميمات
الرياضية التي لا تتسنى للحواس بل يتم إدراكها عن طريق العقل ، ومن أشهر
روادها ( فيثاغورس – هيبوقراط )
السوفسطائيون
عندما اهتم روادها وانشغلوا بالجدل من اجل الجدل أو المال على حساب القيم والمبادئ أُطلق عليهم السفسطة وهي المجادلة وقلب الحقائق.
ويرى
السوفسطائيون أنه لا يمكن قبول الأفكار دون اختبارها ، وينتمي
السوفسطائيون إلى الاتجاه العقلي ، ومن أهم روادها ( بروتاغوراس – تلميذه
جورجياس )
الاتجاه الإنساني
يركز رواده على تفسير الوجود
الإنساني والمعرفة الإنسانية في علاقته بالوجود الكلي والماهيات العليا ،
ومن أشهر رواده ( سقراط – افلاطون – ارسطو )
الأساس العلمي لعلم النفس
بعد الثورة
الفرنسية التي غيرت في الحياة الأوروبية والتي أدت إلى الخروج عن سيطرة
الكنيسة أدى ذلك إلى تطور مناهج البحث العلمي فظهر منهم العالمان ”
جاليليو- نيوتن ” اللذان ذهبا ضحية بطش وتسلط رجال الكنيسة وغيرهم من رجال
العلم والمعرفة ، مما دفع بالكثير من المهتمين بالنفس الإنسانية إلى
التفكير فيها بطريقة علمية .
ومع بداية القرن التاسع عشر تقدمت الأبحاث
العلمية كأبحاث ” مولير ” على الجهاز العصبي ، و “هلمهولتز ” على فسيولوجيا
البصر و ” فكنر ” على الإحساس البصري و “ارنيست فيبر ” على العتبة الحسية ،
كل الدراسات السابقة مهدت لظهور أول معمل لعلم النفس للعالم ” فونت ” وهو
ما يعرف بــ” معمل فونت ” والذي أثمر عن استقلال علم النفس عن الفلسفة .
وفي
العصر الحديث كان لنظرية ” التطور ” الأثر الأكبر في اغلب فروع العلم ،
وهي تقوم على افتراض وجود أساس لكل سمة حيث تنمو الأجزاء الجديدة من أصل
مغاير إلى أن يكتمل نمو الأجزاء فتكون كل أو وحدة منها فاعلة مغايرة في
تركيبها وفاعليتها .
ومما سبق عرضه فإن
علم النفس علم كباقي العلوم لم ينشأ من فراغ ، بل يمثل
استمرارية متطورة للمعرفة الإنسانية ، بدءً بالتراث الفلسفي القديم حتى
فلسفة عصر النهضة ، هذا وقد كان علم النفس جزءً من الفلسفة قبل أن يكون
علماً مستقلاً ، ويعتبر آخر العلوم المستقلة عنها حتى أن عمره كعلم لا يزيد
عن قرن من الزمان .
علم النفس عند اليونانيون
إن علم النفس
قديم قدم تأمل الإنسان في ذاته واستشعاره بوجوده ، وقد اعتمد الإنسان منذ
قديم الأزل على البيئة وما فيها من كائنات وظواهر أثارت اهتمامه وجعلته
يتساءل عن الظواهر الطبيعية مثل : الرياح ، العواصف ، المطر ، الحر ، البرد
، الزلازل ، البراكين
وحتى انه تساءل عن الظواهر الإنسانية مثل :
الميلاد والموت ، وبالتالي قاد الإنسان إلى التأمل في ذاته ، وهذا التأمل
في الذات هو الذي ساد جميع الحضارات القديمة جميعا ، ولكن الحضارة
اليونانية أثارت الدهشة والإعجاب في جانبها العقلي والفلسفي خاصة ، ويعتبر
اليونانيون هم الذين اخترعوا الفلسفة والعلم ، وتقدموا على المصريون
والبابليون الذين سبقوا اليونانيون ولكن في المعرفة العملية فقط ، بينما
الاستدلال القياسي والبرهان الهندسي فهو اختراع يوناني .
فلاسفة اليونان الذين عالجوا موضوع النفس
الكميو ن . القرن 6 ق م
وهو من مؤسسي علم النفس
وكان طبيبا يجري بعض عمليات التشريح بالإضافة إلى اهتمامه بالفلسفة
وبالتحديد ” موضوع الإدراك ” ويقال انه قام بتشريح العين وتتبع العصب
البصري الى المخ .
ومن أهم أرائه أن السواء والصحة والجسم هما نتاج
توازن وانسجام قوانين الطبيعة ، وقد رأى بأن السمع يحدث من خلال انتقال
الصوت عن طريق موجات إلى الأذن ، والتذوق عن طريق اللسان.
انكساجوراس 499 – 428 ق م
هو فيلسوف أثيني ، وكان ذرِّيا يرى أن العالم مكون من
أجسام ذرية صغيرة ، وان الأشياء الطبيعية التي توجد في هذا العالم هي خليط
من جميع الذرات .
ويحدث الإدراك عندما تتفاعل النفس مع هذه الأجسام
الذرية ، وهو أول من أشار إلى نظرية ” إدراك الأضداد ” ويرى ان العقل عنصر
أصيل يدخل في تركيب الكائنات الحية جميعا ، فيفرق بينه وبين المادة الميتة ،
فلو استثنينا العقل لوجدنا أن كل شيء يحتوي أجزاء من الأضداد جميعاً
كالحار والبارد ـ والأبيض والأسود .
انباذوقليس 495 – 435 ق م
وهو أول من قال بنظرية في الإدراك الحسي تسوغ اعتماد
فهمنا العام على الحواس ، بالإضافة إلى نظريته في الإدراك الحسي بأن الشبيه
يدرك الشبيه ، وأن النباتات لها عقل وذكاء .
وتقول فلسفته الكونية : إن
العناصر الأساسية التي تتكون منها الأشياء في العالم هي ( التراب – الهواء
– الماء – النار ) وأن الحب هو الذي يصل بين هذه العناصر والبغضاء هي التي
تفصلها .
سقراط 470 – 399 ق م
هو أول الثلاثة الكبار في الفلسفة اليونانية وكان يعرف
بأنه ” أعلم أهل عصره ” وقد أهتم بالإنسان وينازل السوفسطائيون في الشوارع
والأسواق ويدحض أفكارهم الموجهة للشباب اليوناني ويعلمونهم الدفاع عن الرأي
ونقيضه في الوقت نفسه .
وأساس تعاليمه النفسية هو قوله ( أعرف نفسك )
وأن المعرفة الحقيقية موجودة داخل الإنسان ولكن الانشغال والانصراف للأعمال
اليومية يحيط المعرفة بغشاوة ، وأن الطبيعة تشتمل على قوتين هما ( العقل –
الشهوة ) وهما يعيشا سوياً إلا أن الصراع بينهما صراع دائم لاختلاف طبيعة
كل منهما .
أفلاطون 427 – 347 ق م
وهو ثاني الثلاثة الكبار في الفلسفة اليونانية ، وله
اكتشافات ونظريات في علم النفس والموضوعات النفسية المختلفة ، أسس معهد
تعليمي وجامعة عظيمة في أثينا عام 387 ق م ومن أهم أعماله ( جمهورية
أفلاطون )
نظرية أفلاطون في النفس
يرى أفلاطون بأن النفس سابقة على الجسم لأنها وجدت قبله وستستمر بعده وهي خالدة لأنها كانت تعيش في عالم من الأفكار والمثل
وقسم أفلاطون النفس إلى ثلاثة أقسام
1- النفس العاقلة ( مركزها الرأس ، لأن الرأس أعلى جزء في الجسم ، فهي أقرب إلى السماء )
2- النفس الغضبية ( ومركزها القلب )
3- النفس الشهوائية ( ومركزها البطن )
ويرى
وجود صراع بين هذه الأنفس الثلاثة ، فالشخص الذي تسيطر عليه النفس العاقلة
أقرب إلى الكمال وأفضل من الشخص الذي تسيطر عليه النفس الغاضبة أو
الشهوانية .
وقد شبّه أفلاطون الأنفس الثلاثة بعربة يقودها جامحان هما النفس الغضبية والنفس الشهوانية ، أما القائد فهو النفس العاقلة .
نظرية المعرفة عند أفلاطون
رأى أفلاطون بما أن النفس أقدم من الجسم فلابد أنها كانت
تعيش في عالم سابق أسماه بـ”عالم المثل” ويرى بأن أفضل منهج للوصول إلى
المعرفة الحقيقية هو منهج الاستدلال العقلي الذي يعتمد على التفكير المجرد ،
أما الأشياء المحسوسة فهي متغيرة زائلة .
الفروق الفردية عند أفلاطون
كان أفلاطون أول من اهتم بدراسة الفروق الفردية وذلك حسب النفس المسيطرة عليهم ، فقسّم الناس إلى ثلاثة أنواع
• الحكام وهم الفلاسفة : ويتميزون بالنفس العاقلة والقدرة على التفكير والاستدلال
• الجند أو الحرس أو المحاربون : ويتميزون بالنفس الغضبية ولذلك أسندت لهم مهمة الحرب والدفاع عن الوطن
• عامة الناس وهم العمال : تسيطر عليهم النفس الشهوانية
أرسطو 384 – 322 ق م
وهو ثالث الثلاثة الكبار في الفلسفة اليونانية وأكبر فيلسوف في تاريخ الفكر الإنساني ، وألف أشهر كتب علم النفس وهو ( النفس )
كان له دور كبير في تطوير المنهج العلمي بالإضافة إلى دراسة النفس مع العلوم الطبيعية التي تدرس كل ماهو مادي ومتحرك في آنٍ واحد
والنفس
عند أرسطو واحدة ، ولها مظاهرها المختلفة مثل التغذي والنمو والتوالد
والإحساس والحركة والشهوة والتخيل والإدراك ، وهذه الوظائف ليست مستقلة بل
يتبع بعضها بعضاً، وقد تجتمع كلها في كائن واحد كما في الإنسان
ومذهب أرسطو : أن كل شيء طبيعي له حياة وبالتالي نفس هي مصدر حياته ، وعلى هذا فهو يفرق بين ثلاث أنواع من الأنفس
• النفس النامية : وهي أساس الحياة والغذاء والنمو ، وهي موجودة في النبات ، وهي الوظيفة الأولى للنفس
• النفس الحيوانية : وظيفتها الحركة والإحساس عن طريق الحواس الخمس
• النفس الناطقة : وظيفتها التفكير ، وهي الموجودة في الإنسان
وأشتهر
أرسطو بنظريته في ” الوسط ” أو ما يسمى ” الوسط السعيد ” حيث أن السعادة
في الفضيلة ، والفضيلة وسط بين إفراط وتفريط كلاهما رذيلة ، فمثلاً الشجاعة
وسط بين طرفين هما الجبن والتهور وكلاهما رذيلة ، والكرم فضيلة وسط بين
طرفين هما الإسراف والشح ، ولا يعد الفضيلة طبيعية فطرية في الإنسان وإنما
الطبيعي عنده هو استعدادات وتكتسب بتطبيقها على حالات معينه ويمكن كذلك
تعلّمها كأي فن