أصبح ولله الحمد..بدٲ الليل ينزع عنه معطف الظلام . تبدد ٲول الضباب..كم هو جميل وقت شروق الشمس في القرية . بل قل إن كل الأوقات فيها - حتى الغروب - عذبة وآسرة كالطفولة . لكن وبحكم بداوتي ٲرى أن هذا الجمال الساحر لا يراه الأهالي الذين ٲخذت وجوههم لون تراب القرية وأقدامهم باتت ممشقة ...الجمال والخير يراه الزوار فقط ويحتكروه...
- وهل يأت للقرية زوار أيها الأبله؟
- لا.. ربما.. سأفكر..
- نعم يأت الناس لازلت أذكر..يأتي الباعة المتجولون أو المتسولون كبائع السمك .ويأتي أ صحاب الانتخابات ورجال الدرك ...نعم يأتي الناس من المدينة وحتى من بلاد المهجر..
- ألم تقل إن العالم أصبح قرية؟.
- بلى. ٳن العالم أصبح قرية بالفعل كالقرية التي نعيش فيها الآن . فيه الوحل والمستنقعات ، فيه الصبار في قلب كل صاحب قرار ،عفوا في قلب كل دار . وفيه الحمير والكلاب والنعاج والبقر... على سبيل الذكر لا على سبيل الحصر.
- ألم أخبرك بعد؟
- نعم.
- اِسمع لقد طرحت سؤالا على نفسي البارحة قبل أن أنام فقلت:
- لماذاأصبح العالم قرية ولم يصبح شمسا أ و قمرا أ و ... مدينة ؟. فذكر القرية يبعث على القرف والذل والمهانة
والتخلف .. وناس القرية بسطاء أعرفهم يعيشون على طبيعتهم ، حتى ٳنهم لا يقلمون أظافرهم إلا لماما، رائحتهم من رائحة دوابهم ..لا زالوا مهمشين أشقياء ومعذبين،وحتى المثقفين منهم متشائمين يعيشون تحت ٲقدام الفقر.
- أنت تترثر ٲيوجد في القرية مثقفون؟.
قلت لك أيها القروي أ كثر من مرة ٳن هذا العالم أ صبح قرية . وبالأمس القريب سمعت الخبر٬ « حرق شاب تونسي من حملة الشواهد نفسه بعدما لم يجد عملا»، فسمعت كل القرى الخبر وتناقلته. وأنت تعلم أن أهل القرية والبداوة يأخذون بالثأر . ليس في تونس فقط وإنما في كل مصر . لاأ قصد مصر بعينها فقط وإنما كل مصر من أمصار هذا العالم القروي الضيق المختنق.