السعادة الحقيقية ألم .. عذاب.. حيرة ..ضيق توتر.. معاناة....!! أحاسيس عظيمة طاغية ,تثور في نفس الانسان فتسحقه وتبدد ذاته ذرات مهما حاول بعدها أن يتصلب يتماسك يلملم شتات نفسه الضائعة تظل جهوده هباء في هباء . هذا هو الألم الذي قال عنه الكاتب دي موسيه ((لاشيء يجعل الانسان عظيما غير ألم عظيم))ولكن هناك تساؤل يظل معلقاً في الذهن عن ماهية الألم؟ وكيف يفعل فعله هذا في الانسان ؟ كيف يفتك به؟ كيف يفترسه حتى لا يكاد يبقى منه شيئاً؟ كيف يكبله حتى يجعله غير قادر على العمل على العطاء على الانتاج ؟ فالألم عندما يداهم أحد البشر يأتي عليه يكاد يحيله جثة جامدة جثة تتنفس تتحرك لكنها لاتشعر سوى الكآبة والانقباض جثة ترفض المشاركة بأي دور ولو يسيرفي دوامة الحياة . وهنا يطل التساؤل برأسه ثانية ترى ماهية الألم ؟ الألم الذي اتحدث عنه ليس الألم الجسدي الذي ينبهنا إلى وجود مرض في الجسم فنندفع في علاجه أملاً في الشفاء. دائما هو الألم النفسي الذي ينبهنا إلى عيوبنا فنندفع لإصلاح اخطائنا ربما بدافع من الاحساس بالندم أو عذاب الضمير. هذ هو الألم بمعنى الاحساس السامي الذي يميز الانسان وكأن الألم هو النار التي تصقلنا التي تجعلنا أكثر صفاء النار التي تحول الفحم داخلنا إلى مآس لامع براق , هذه هي نعمة القدرة على الـتألم أما هؤلاء فاقدي الاحساس بالألم عديمي الشعور بالعذاب, بالندم , هؤلاء المجردين من نعمة القدرة على التألم ماتلبث أن تحولهم نار الألم إلى رماد لا قيمة له. فالألم هو الأداة الغامضة التي تنبهنا إلى حقيقة انفسنا, الأداة التي تفتح أعينناعلى بشاعة اخطائنا فنعمل جاهدين على التخلص منها. والألم أخيراً هو تلك القوة المبهمة , القوة المحركة التي تجعل عقولنا تسيطر على انفسنا فتجعلنا نتراجع , نفكر, نتصرف بطريقة أخرى ,طريقة نقية ,صافية ومن هنا تنبع السعادة الحقيقية فنحن عندما نعاني ,عندما نتألم ,نصبح بالتالي أكثر عطفً على الآخرين أكثر تسامح معهم أكثر احساساً بوطأة الآمهم وبالتالي أكثر انسانية.