قصص قصيرة جدا

الإهداء
بعد أن أنهى مجموعته القصصية، فكر في الإهداء وبدأت الأسماء والنعوت والمعارف والنكرات تتلاوح في ذهنه تباعا. لكنه وجد الحل في أن يجمع الكل ويكتب: إلى أسماءٍ..
وفي حفل توقيع الكتاب بدأ الناقد يتحدث عن شعرية عتبة الإهداء. وكيف ملكت البنت أسماء قلب الكاتب. تبادل مع زوجته نظرات لا يفهم معناها إلا هو. وبقي يلعن في ذهنه النقد والنقاد

السؤال الخطأ
دخل رضوان القسم باكرا.لبس الوزرة وألقى نظرة شاملة على القاعة. ثم أخفى في صمت ابتسامة ربما تسخر من دروس مراكز التكوين.
-الحصة اليوم عن أدب عصر النهضة الذي انطلق من سؤال: لماذا تقدم الغرب وتأخر الشرق؟
رفع تلميذ يجلس في الخلف أصبعه.أحس رضوان بالسعادة وهو يعطيه الكلمة
تقدم التلميذ نحو السبورة السوداء المثقوبة. مسح اسم الاستفهام وعلامته ثم كتب.
كيف تقدم الغرب وتأخر الشرقَ.

المشتبه

ظل الليل كله يتقلب في الفراش، لم ينم لحظة كأن به زيارة حمى..وفي ذهنه هواجس لا تنتهي.
- ترى ماذا يريد مني القايد ولماذا استعجلني المقدم غدا للحضور
فكَّر ولم يجد الجواب.أعاد كرات دون جدوى
في الصباح الباكر..حملته رجلاه وخطاه تسارع خطاه في اتجاه المقاطعة. وقف ويداه إلى الخلف مترقبا ماذا ستنبس به شفتا القايد
-" لقد تركت اللحية وأردت الصعود إلى الجبل.." قال القايد
وقبل أن يجيب الرجل فاجأه بسؤال آخر أعقد من الأول
- إلى أي جماعة تنتمي؟
قال ببرودة دم: جماعة عين الرجا القروية




الخريطة
علق الأستاذ الخريطة على السبورة المهترئة. ونادى طارقا أنجب تلميذ في القسم للتقدم نحوها.
- وطِّن يا طارق هذه المعطيات على الخريطة ولا تنس المفتاح.
أغمس الأستاذ رأسه في الكتاب وهو يسرد المعطيات. وحين رفع رأسه وجد الخريطة كلها حمراء
- ما هذا يا طارق؟
- دماء الشهداء يا أستاذ.

باب الزاوية
1
على باب الزاوية. اصطفوا جميعا. في أسمال رثة مرقعة، ألوانها تحزن الناظرين.. مدوا أيديهم وصمتوا. لا تسمع في المكان إلا سعال شيخ مقهور، أو دعاء بالرحمة على الوالدين و الأقربين. حضرت سيارة رباعية الدفع سوداء.. وخرج منها رجلان بلباس أسود.. نظروا إلى الجماعة مليا ثم انقضوا كالنمور على سليمة أصغرالموجودين في باب الزاوية. و ألقوها في السيارة، ثم انطلقو مسرعين.
2
غرفة صغيرة مضاءة، رجل وامرأتان بلباس أبيض.. تكلموا مرارا وبلغات مختلفة لم تفهم منها سليمة الملقاة على السرير شيئا.. ثم غطَّت في نوم عميق. حلمت فيه بأمها التي ماتت وتركتها لغطرسة زوجة أبيها التي طردتها من المنزل.. وتركتها مع وحوش الليل
3
كان وقت الفجر. تعالى صياح الديك. وتعالى آذان المسجد الصغير..توقفت السيارة السوداء أمام باب الزاوية. ثم ألقت بسليمة في ثوب أبيض، وفي جيبها ظرف صغير، وضعت به خمس أوراق نقدية زرقاء.. التف حولها خلق كثير، فتحت عينيها ثم أغلقتهما في هدوء.


الامتحان
حضر مبكرا. وكانت الساحة مكتظة بشباب وشابات يحملون مطبوعات المادة بين أيديهم. اليوم يوم امتحان وفيه يعز المرء أو يهان
دقت الساعة وتقدموا الواحد تلو الاخر. وكل من يخرج لا بد وأن يمر بلحظات استنطاق عن ما وقع داخل القاعة.
حان دور ربابة فتحت الباب بلطف. وبعيد الجلوس أمام الأستاذ أخرجت مرآة صغيرة وصارت تعدل المكياج..
زمجر الدكتور وقال:أين تظنين نفسك يا آنسة؟
- آسف دكتور
- ما اسمك؟
- ربابة
- أعربيها
فكرت مليا ولم تجد جوابا.
أخذ قلمه الأحمر. ودون رقمه الهاتفي ومده إلى ربابة في لطف. ثم غادرت القاعة.



التقاعد
قضى في عمله أكثر من ثلاثين سنة.. كان خلالها الموظف المخلص الأمين.. بعدها أحيل على التقاعد.. وبعد حفل تكريم بسيط قام به أصدقاؤه بعد أن جمعوا مساعدات من الموظفين اشتروا بها هدية وقنينات من المشروبات الغازية. عاد إلى منزله الصغير بالمدينة القديمة
مرت ثلاثة اشهر ولم يتسلم معاشه.. ولما ذهب للاستفتار وجد أن اسمه تغير من مصطفى" إلى" المصطفى". وهو ما سيحرمه من معاشه طوال ما تبقى من حياته.

شكرا شكرا لك يا أستاذ على هذه القصص القصيرة .كل واحدة هي محطة من أحداث الواقع الذي نعيشه يوميا وبتقاسم شديد .ما ذكرته أخي معاناة الأستاذ والموظف والعامل ..
في انتظار المزيد من العطاء

شكرا لك أستاذي حميد على هذا المرور الجميل.
سأشق عباب السرد والقصة والقصيرة جدا. لأني اجد فيهما سحرا خاصا مميزا
أتمنى أن اكون عند حسن ظنكم بي
محبتي التي لا تشيخ

مجموعة رائعة بالفعل وذات حمولة دلالية قوية وتحتاج الى وقفة خاصة

سلمت وسلم يراعك الماسي

أتمنى لك التوفيق والنجاح

تقبل مودتي ومروري

أسعدني مرورك وراقتني كلامتك الكثيفة والجميلة
شكرا لك على المرور الطيب سيدي
محبتي التي لا تشيخ

فعلا قصص قصيرة جدا رائعة ..... استوقفني السؤال الذي مفاده: لماذا تقدم الغرب وتخلف الشرق ؟ الاجابة على هذا تطول يا صاحبي العزيز