منتديات الفردوس المفقود
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إلينا
منتديات الفردوس المفقود
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إلينا
منتديات الفردوس المفقود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الفردوس المفقود

منتدى للابداع والتربية والترفيه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول
أخي الزائر بعد تسجيلك بالمنتدى سيعمل مدير المنتدى على تنشيط عضويتك ..وشكرا
اهلا وسهلا بك يا زائر
دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  21_05_1213376309211
دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  052112130544nzhmb91h8rjfmgyu
الى كل أعضاء الفردوس المفقود وطاقم الاشراف والمراقبة والادارة المرجو ايلاء الردود عناية خاصة
مطلوب مشرفين لجميع الاقسام
Google 1+
Google 1+
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
hommane
كاتب فعال
كاتب فعال
hommane


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1002
نقاط : 1649
السٌّمعَة : 143
تاريخ التسجيل : 06/05/2012
العمل/الترفيه : foot_ball

الأوسمة
 :  

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت أكتوبر 25, 2014 2:51 pm

تجدون هنا هذه المواضيع لدروس الفلسفة الباكوريا2شعبة العلوم الفزيائية

مفهوم اللغة
الحق والعدالة
التاريخ
مسألة العلمية في العلوم الانسانية
العنف
الحرية
مفهوم الغير
النظرية
السعادة
مفهوم الشغل
الشخص
النظرية والتجريب
مفهوم الدولة
الواجب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:21 am

مفهوم الغير
تقديم إشكالي:

إن كون الشخص أنا وعية حرة مسؤولة أخلاقيا و قانونيا ، أي ذات تملك الوعي و الحرية إرادة لا يعني انه قادر على العيش وحيدا منعزلا على الآخرين . فالشخص كائن اجتماعي لا يستطيع العيش خارج الجماعة بل هو في حاجة إليها لتحقيق ذاته و الوعي بها . فالغير ضرورة ملحة بالنسبة للأنا فحضوره مسألة أساسية و ملحة لإكمال وعي الأنا بذاتها و الوعي بوجودها . فكيف يتحدد وجود الغير إذن هل يمكن للأنا أن تعيش بمعزل عن الغير أم أن وجوده مشروط بوجود الغير ؟

هل يمكن معرفة الغير ؟ هل معرفته ممكنة أم مستحيلة ؟ ماهي طبيعة العلاقة بين الأنا و الغير ؟

هل هي علاقة تكامل و تواصل أم علاقة تنافر وصراع؟

- العدم : عكس الوجود (لاشكل و لا لون، غير محدد ....)

- الوجود بالذات ، الوجود المادي كشيء .كموضوع دون وعي.

- الوجود للذات ، الوجود الواعي كذات واعية تعني وجودها ووجود الغير و العالم الخارجي 

وجود الغير:
إن وجود الغير يجد جذوره في الفلسفة اليونانية من خلال مجموعة من المفاهيم التي أنتجتها مثل مفهوم التطابق أو الهوهو في مقابل الاختلاف و الوحدة في مقابل الكثرة أن اليونان لم يبلوروا مفهوم الغير باعتباره أنا اخربل اعتبروه كل ما ليس ومخالف للذات . فالتقابل بالنسبة إليهم كان بين اليونان من جهة و الشعوب الأخرى وبين الإنسان و العالم الخارجي .

فلم يتبلور هذا المفهوم بالمعنى الحديث إلا مع فلسفة هيكل في مقابل الفلسفة الذاتية لديكارت .

أطروحة ديكارت : الفلسفة الذاتية 
يؤكد ديكارت أن وجود الإنسان كقوة فاعلة متميزة عن غيرها من الكائنات لا يتحقق إلا بملكة التفكير التي تتيح له الوعي بذاته و بالآخرين. فالتفكير دليل وجودي على وجود الذات ما دام الشك تفكير وما دام التفكير لا يمكن أن يصدر إلا عن ذات موجودة "أنا اشك ،أنا أفكر ، إذن أنا موجود " و الشك عند ديكارت منهجي فهو سبيل إلى اليقين و الشك تفكير و التفكير دليل على وجود الذات . وبهذا يخلص ديكارت إلى أن الأنا أفكر " COGITO حقيقة يقينية بديهية يقينية لا يمكن الشك فيها و ليست في حاجة إلى وساطة الغير لإثباتها مما يجعل الأنا عند ديكارت حقيقة يقينية و ذات منعزلة مستقلة ومنغلقة أما الغير فوجوده افتراضي احتمالي . فالأنا تعي ذاتها بذاتها وتدرك وجودها من تلقاء ذاتها لذلك فالأنا ليست في حاجة إلى وساطة الغير لتأكيد وجودها ووعيها بذاتها 

لكن أليس عدم اليقين من وجود الغير ، هو عدم يقين من وجود الذات و عدم امتلاك وعي كامل بها ؟

أطروحة هيجل HEGEL
ادا كان ديكارت يعتبر الأنا ذاتا منغلقة منعزلة مستقلة عن الآخرين تكفي بذاتها مما يجعلها كيانا ميتافيزيقيا مجردا مطابقا لذاته يعيش في عزلة مطلقة عن العالم و الآخرين . فإن هيجل خلافا لذلك يعتبر الأنا ليست معرفة جاهزة أو معطى طبيعي فمعرفته لذاته لا تتحقق إلا من خلال الغير عبر الانفتاح وتجاوز التقوقع و الانغلاق. فالأنا تغادر انغلاقها لتنفتح على الغير لتنتزع منه الاعتراف بها كذات واعية حرة . إلا أنها تصطدم برغبة الغير الذي يرغب في نفس الرغبة أي انتزاع الاعتراف به كذات واعية حرة مما يؤدي إلى أن يغامر كل منهما بحياته في عملية صراع ينتهي بتنازل احد الطرفين عن حريته و إرادته حفاظا على حياته ، فيقبل أن يتحول إلى موضوع وشيء أي إلى أداة فيكون وجوده من اجل الآخر أي وعيا خاضعا تابعا (أي عبدا) بينما يتشبث الطرف الآخر بحريته و إرادته ويفضل الموت عن التنازل عنهما فيكون وجوده وجودا لذاته فيتحقق وعيا خالصا وبذلك يكتمل وعيه بذاته .

استنتاج 
- إذن فالوعي بالذات يتطلب تجاوز انغلاق الذات على ذاتها و الخروج نحو الآخر و الانفتاح عليه لأن وعيها لا يكتمل إلا باعتراف الآخر و بذلك فوجود الغير ضروري لوجودالأنا و مكون له و ليس مجرد وجود افتراضي احتمالي كما يرى ديكارت .

- نص جون بول سارتر.

الإشكال الذي يجيب عنه النص كيف يتحدد وجود الغير بالنسبة للانا هل وجود الغير ضروري لوجود الأنا؟

أطروحة النص
- خلافا لديكارت يؤكد سارتر أن وجود الغير ضروري لوجود الأنا فمن خلال الغير يدرك الأنا وجوده ويعيه ويدرك قيمته فالغير ليس شيئا أو موضوعا كباقي الأشياء إنما هو ذات واعية حرة ، أي أنا آخر أو الأنا الذي ليس أنا مما يجعله مكون للأنا وشرط ضروري لوجوده لكن العلاقة مع الغير هي علاقة صراع ونفي، فكل منهما يتحول تحت نظرة الآخر إلى موضوع و شيء لكن الأنا في حاجة إلى الغير . ومن خلال تجاوز تلك النظرة و التعالي عليها يحقق الأنا وجوده وحريته ليصبح اللقاء بين الأنا و الغير لقاء بين حريته وحرية ومن خلال هذا اللقاء وهذه المواجهة يحقق الأنا ذاته كذات حرة متعالية البنية الحجاجية .

- يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية الإثبات و التأكيد فهو يؤكد أن وجود الغير ضروري لوجود الأنا كما يوظف آلية النفي حيث ينفي إمكانية استغناء الأنا عن الغير لإثبات وجوده و إدراكه وقد وضح ذلك اعتمادا على أمثلة .
استنتاج

- إذا كان ديكارت قد انطلق من تجربة الشك ليضع الأنا الذي يشك أي يفكر في عزلة وجودية مطلقة لا تحتاج إلى وساطة الآخرين و العالم الخارجي لإدراك وجوده و الوعي به فالأنا أفكر حقيقة يقينية في حين يعتبر وجود الغير وجودا احتمالي افتراضي و إذا كان هيكل يعتبر أن اكتمال وعي الأنا بذاته يقتضي خروجا للذات من انغلاقها و انفتاحها على الغير لانتزاع الاعتراف بها منه كذات واعية حرة . إلا أن هذه الرغبة تصطدم برغبة الغير فهو يرغب في نفس الرغبة أي انتزاع الاعتراف به كذات واعية حرة. مما يؤدي إلى الصراع والمواجهة و المغامرة بالحياة لينتهي هذا الصراع بتنازل احد الطرفين عن حريته وإرادته فيقبل حفاظا على حياته ليتحول إلى موضوع وشيء أي أداة فيكون عبدا . أما الطرف الثاني يفضل الموت على التنازل عن حريته وإرادته فيكون سيدا أي وعيا خالصا.

وهذا ما يسبب هيجل جدلية العبد و السيد أما سارتر فيؤكد أن الغير ليس شيئا وموضوعا بل هو أنا آخر أي الأنا الذي ليس أنا ، فوجوده شرط ضروري لوجود الأنا فلا يمكن للانا أن يعي وجوده وقيمته إلا من خلال الغيرو بواسطته ، غير أن نظرة الأنا للغير تحوله إلى موضوع وشيء ونفس الشيء بالنسبة لنظرة الغير للأنا مما يؤدي إلى علاقة صراع ومواجهة من خلالها يتمكن الأنا من تحقيق حريته و التعالي على وجوده لكل هل معرفة الغير ممكنة ام مستحيلة ؟يقينية ام تقريبية ؟ 

نص مالبرنش EMALABRANCHE

- السؤال الذي يجيب عنه النص هل يمكن للانا معرفة الغير معرفة يقينية ؟
أطروحته

يؤكد مالبرانش أن معرفة الغير من طرف الأنا هي معرفة تخمينية تقريبية و ليست معرفة يقينية . لأن الأنا لا يستطيع أن تنفذ إلى أعماق الغير لإ دراك حقيقة مشاعره وعواطفه و أحاسيسه وانفعالاته ، فهو يقوم بعملية إسقاط أي يسقط عليه ما يحس به ويشعر به انطلاقا من مبدأ المماثلة وبذلك يخلص مالبرانش إلى أن معرفة الأنا للغير تظل معرفة تقليدية احتمالية وليست يقينية.

البنية الحجاجية: 

يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد عى صيغتين، صيغة العرض و التوضيح و الاستدلال بالأمثلة .

لكن هل معرفة الغير فعلا مستحيلة،ألا يمكن أن تكون هناك معرفة يقينية ممكنة انطلاقا من التواصل معه ومشاركته للوجدانية ؟

نص ميرلوبونتي :

الإشكال الذي يجيب عنه النص :

هل يمكن للانا معرفة الغير من خلال التواصل معه ومشاركته وجدانيا وعاطفيا؟

أطروحة النص
يؤكد ميرلوبونتي خلافا لما لبرنش أن معرفة الأنا للغير ممكنة وليست مستحيلة فكل منهما يمتلك جسدا ووعيا ويتقاسما الوجود في نفس العالم مما يفرض على كل منهما الاعتراف بالآخر و التواصل معه، ولعل اكبر دليل على هذا التواصل هو اللغة وبذلك يستطيع كل طرف منهما أن ينفذ إلى أعماق الآخر ويشاركه عاطفيا ووجدانيا وهكذا تصبح معرفة الأنا للغير ممكنة وليست مستحيلة، يقينية وليست تخمينية و أن العلاقة معه ليست دائما علاقة صراع ونفي وعذاب بل قد تكون أيضا علاقة اعتراف وتواصل وصداقة مما يجعل هذه العلاقة غنية ومتعددة. فما هي إشكال هذه العلاقة إذن وما هي الاسسس التي تقوم عليها ؟

نيكولاس مالبرانش : فيلسوف فرنسي من إتباع العقلانية الديكارتية 638 م رجل لا هوت وفلسفته من مؤلفاته – البحث عن الحقيقي – تأملات ......

الغيرية : تميل نحو الغير وتضحية بالمصلحة الشخصية من اجله فهي نكران الذات ، و الإيثار // الأنانية و الذاتية ALTRMISMé 

العلاقة مع الغير: 

هل علاقة تكامل وتواصل أم علاقة صراع وتنافر؟

نص أرسطو : الإشكال : هل يمكن للعلاقة بين الأنا و الغير أن تقوم عل أساس الصداقة ؟ وماهي أشكال و أنواع هذه الصداقة ؟

أطروحة النص

يؤكد أرسطو أن الصداقة ضرورة بشرية لا يمكن الاستغناء عنها ويصنفها إلى ثلاثة أنواع : صداقة المتعة وصداقة المنفعة وكلاهما مجرد وسيلة لتحقيق المتعة أو المنفعة مما يجعل هذا النوع من الصداقة صداقة زائفة زائلة فهي تزول بزوال المتعة و المنفعة أما النوع الثالث فهي صداقة الفضيلة وهي الصداقة الحقيقية لأنها غاية في حد ذاتها لأنها تؤسس على محبة الآخر لذاته مما يجعلها صداقة مبنية على الفضيلة و المحبة و الوفاء وهي صداقة دائمة مستمرة لأنها غاية وليست وسيلة إلا أنها ناذرة. فلو كانت شائعة بين الناس لاستغنوا عن القوانين و التشريعات لما يترتب عنها من علاقة أساسها المحبة و الاعتراف المتبادل و الاحترام .

فإلى أي حد يمكن للعلاقة مع الغير أن تتأسس على المحبة و الاعتراف المتبادل و التضحية ونكران الذات؟
 

* نص اوغست كونت
الإشكال الذي يجيب عنه النص : إلى أي حد يمكن أن تقوم العلاقة بين الأنا و الغير على نكران الذات والتضحية و الغيرية .

* أطروحة النص

يؤكد اوغست كونت أن العلاقة مع الغير إذا تأسست على الغيرية ونكران الذات و التضحية من اجل الغير فإن ذلك يؤدي إلى ترسيخ مشاعر التعاطف و المحبة بين الناس فتحقق الإنسانية غاياتها الكبرى وهي نشر قيم العقل و العلم و التضامن و الاستقرار مما سيسمح بتطوير الوجود البشري . فالغيرية فضيلة أخلاقية وقيمة مثلى يتجاوز فيها الإنسان أنانيته وذاتيته وينتصر على غريزته فيحيى من أجل غيره وبذلك تنشأ بين الأنا و الغير علاقة نبيلة تقوم على نكران الذات و التضحية .

* استنتاج 

إذا كان أرسطو يؤكد أن الصداقة ضرورة بشرية لا يمكن الاستغناء عنها لأي كان كيفما كان فالإنسان في حاجة ماسة إلى صديق يشاركه أحزانه و أفراحه وإذا كانت الصداقة الحقيقية هي الصداقة المبنية على المحبة المتبادلة وعلى الفضيلة الأخلاقية مما يجعلها غاية وليست مجرد وسيلة لتحقيق المنفعة أو المصلحة مما يجعل هذه الصداقة تساهم في نشر القيم الأخلاقية السامية بين الأفراد . فإن اوغست كونت يؤكد أن الإنسانية تقوم على الغيرية وتجاوز ذاتيته ونكرانها من اجل التضحية من اجل الغير وبذلك فالعلاقة مع الغير ليست مجرد علاقة صراع ومواجهة ونفي وتنافر بل قد تقوم كذلك على الاعتراف المتبادل و التواصل و الاحترام و الصداقة بل و التضحية من اجل الآخر مما يجعل العلاقة مع الغير متعددة الأبعاد متنوعة ومختلفة وغنية لا يمكن اختزالهما في شكل دون آخر لأن الإنسان ظاهرة متعددة الأبعاد .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:24 am

مفهوم اللغة
[rtl]إطار الدرس :[/rtl]
[rtl]يعتبر مفهوم اللغة من بين أهم المفاهيم التي إنشغلت بها الفلسفة المعاصرة واللسانيات وكذلك بعض العلوم الإنسانية مثل علم النفس اللغوي وعلم الاجتماع، وهكذا فإن مقاربتنا لهذا المفهوم ستخضع لمقاربة فلسفية وأخرى علمية .[/rtl]
[rtl]I- من الدلالات إلى الإشكالية :  أ- الدلالة العامة :  في هذه الدلالة ترتبط اللغة بالكلام إذ يقول عامة الناس فلان يتكلم اللغة العربية أو الفرنسية... .[/rtl]
[rtl]إذا تمعنا في هذا التعريف لن نستطيع التمييز بين اللغة والكلام. فهل اللغة هي الكلام، أم تتجاوزه إلى أشياء أخرى ؟[/rtl]
[rtl]هذا ما سنعرفه من خلال دلالتين اللغوية والفلسفية .  ب- الدلالة اللغوية :  يقول إبن منضور عن اللغة "أصوات يعبر بها قوم عن أغراضه لنحلل هذا التعريف : - يحصر هذا التعريف اللغة في الأصوات وهذا يعين أن الأصوات كلام، الشيء الذي يجعل إبن منضور لايخرج عن الدلالة العامية التي تربط اللغة بالكلام.[/rtl]
[rtl]- إن إعتبار اللغة أصوات يجعلنا نطرح تساؤلين : - كيف يتواصل الحدواليك إذا إختزلنا اللغة في الكلام والصوت .؟[/rtl]
[rtl]- بمعنى آخر هل الأصوات هي الوسيلة الوحيدة للتواصل والتعبير ؟  (الحيوانات لها أصوات، فهل معنى هذا أن لها لغة ؟ نضيف إلى هذه الاستنتاجات خلاصة أخرى ترتبط بالوظيفة النجيرية للغة، الشيء الذي يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي : أليست هناك وظائف أخرى للغة غير التعبير كمثل الإخفاء – الكذب... ؟[/rtl]
[rtl]- يجعل التعريف السالف الذكر اللغة مرتبطة بقوم معين الشيء الذي يدفع إلى التساؤل إن كانت هناك لغة كونية ؟   ج- الدلالة الفلسفية : كل هذه الأمثلة السابقة تبين بوضوح المغالطات و التناقضات التي تقع فيها الدلالة اللغوية، مما يفرض علينا الأنتقال إلى الدلالة الفلسفية .  – يقول لا لونك أن للغة معنيان، معنى خاص ومعنى عام.  معنى خاص : وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر داخليا وخارجيا.  [/rtl]
[rtl]معنى عام ذلك وكل نسق من العلامات يمكن أن يتخذ وسيلة للتواصل".[/rtl]
[rtl]إستنتاج :[/rtl]
[rtl]نستنتج من هذا التعريف أن اللغة بالمعنى الخاص تتقابل مع الكلام واللسان، باعتبار الكلام نوعا من اللغة وليس كلها واللسان خاص بمجتمع معين، أما اللغة فهي مشتركة بين البشر.[/rtl]
[rtl]من خلال هذه الاستنتاجات يمكن إستخلاص الإشكالية الفلسفية لدرس اللغة، نحملها على الشكل التالي : إذا كانت اللغة حسب لا لند تعبر عن الفكر أفلا يمكن أن نقول العكس، أنها تؤدي إلى الأخطاء والكذب أكثر من الكشف والتعبير ؟ ثم ماهي علاقتها بالفكر والأشياء (الواقع) ؟ وإذا كانت اللغة علامات صوتية والحيوانات لها أصوات، فهل معنى ذلك أنها تشترك مع الانسان في إمتلاك اللغة ؟ أم أن اللغة تبقى خاصية إنسانية ؟ ما طبيعة العلامة والرمز اللسانيات وما علاقتهما بالمعنى والدلالة ؟ هل اللغة تعبر عن الواقع أم عن الفكر ؟ وهل يمكن تصور فكر فإستقلال عن اللغة ؟ كيف تؤدي اللغة وظيفة التواصل ؟ .[/rtl]
[rtl]II- اللغة الانسانية واللغة الحيوانية ؟[/rtl]
[rtl]  تحليل نص               "الكلام خاصية للإنسان"[/rtl]
[rtl]خطوات تحليل النص الفلسفي :[/rtl]
[rtl]مقدمة : وصف النص : من هو صاحبه – ماهو مصدره ؟[/rtl]
[rtl]- ماهي المدرسة الفلسفية التي يمثلها النص ؟  - ماهو موضوع النصب ؟  - ماهو الاشكال الذي يجب عنه النص ؟[/rtl]
[rtl]عرض :[/rtl]
[rtl]- ماهو الجواب أو الأطروحة التي يقدمها النص كجواب عن الاشكالية (تصاغر الأطروحة بشكل مختصر سطرين على الأكثر).   – شرح الأطروحة.    – ماهي الحجج التي يدافع بها الفيلسوف عن أطروحته.  – خلاصة للفقرة الأولى نستغلها في طرح تساؤل يمهد للمناقشة.[/rtl]
[rtl]المناقشة :[/rtl]
[rtl]سنقدم في المناقشة المواقف والأطروحات الفلسفية المعارضة.[/rtl]
[rtl]خاتمة :[/rtl]
[rtl]خلاصة تركيبية بين الأطروحتين المقدمتين في العرض مثال تطبيقي :[/rtl]
[rtl](نص ديفارت الكلام خاصية الإنسان)[/rtl]
[rtl]مقدمة :[/rtl]
[rtl]مثل هذا النص وجهة النظر العقلانية حول إشكالية اللغة الإنسانية والحيوانية، وقد إنطلق في هذا النص (كيارت) من التساؤل التالي : هل يمكن إعتبار اللغة قاسما مشتركا بين الانسان و الحيوان ؟ بمعنى آخر هل الحيوان قادر عن الكلام كما هو الشأن بالنسبة للإنسان. وإذا كان الجواب بالنفي فما الذي يفسر قدرة الإنسان على الكلام. هل يرجع ذلك إلى العقل أم إلى الغريزة.[/rtl]
[rtl]فرض :[/rtl]
[rtl]- موقف ديكارت : لايخرج جواب ديكارت على هذه التساؤلات خارج إطار فلسفية العقلانية التي تجعل من العقل أساس تصوره إشكالية اللغة، وبناء عليه يؤكد ديكارت أن اللغة خاصية تقتصر على الإنسان ولا وجود للغة بهذا المعنى لذى الحيوان، ويفسر ديكارت ذلك، أي قدرة الانسان على الكلام بإمتلاكه العقل مهما كانت درجة هذا العقل من البساطة، حتى ولو كان هذا الإنسان يفتقر لجهاز النطق فإنه قادر على التعبير والتواصل كما هو حال الصم والبكم. أما ما تردده بعض الحيوانات مثل للعقعق والببغاء من كلام فيعتبره ديكارت مجرد إنفعالات غريزية و إستجابات آلية لا تعكس وعيه بما يقول. وبالتالي فإن اللغة خاصة بالإنسان دونه والحيوان.[/rtl]
[rtl]وقد اعتمد ديكارت في دفاعه عن موقفه (أطروحته) هاته إعتمادا على منهجية إستدلالية أو حجاجية تنبني على المقارنة من الإنسان والحيوان فيها يتعلق بإشكالية اللغة، وقد قدم في هذا الإطار مجموعة من الأمثلة المدعمة والموضحة لأطروحته (كالصم والبكم والعقعق والببغاء) كما وظف الروابط المنطقية (هما – حنين وبالعكس ولكنها – أي في حين) والهدف من كل هذا هو الوصول إلى الخلاصة التالية وهي أن الكلام خاصية إنسانية فقط نظرا لإمتلاك الانسان للعقل.[/rtl]
[rtl]- الموقف اللساني : ويؤثر هذا التصور الفلسفي نتائج الدراسات اللسانية المعاصرة، إذ يؤكد Benveniste بناء على دراسات العالم الألماني C.V  Frich لأشكال التواصل لدى النحل حدد فيها ثلاث خصائص للغة الإنسانية وهي :[/rtl]
[rtl]- الإرتكاز على الصوت.    – تحرر العلامة أو الرمز من الموضوع الخارجي.   – قابلية الكلام البشري للتفكيك إلى وحداث لغوية وصوتية دالة وأخرى غير دالة قابلة للتأليف وإعادة التأليف إلى مالا نهاية.[/rtl]
[rtl]وبناء على هذه الخاصية الثالثة يستخلص :[/rtl]
[rtl]خاصية رابعة هي التمفصل المزدوج ولتوضيح هذه الخاصية يميز Martinet  بين نوعين من الوحدات اللغوية.[/rtl]
[rtl]أ- الشوينقان :[/rtl]
[rtl]وهي وحدات لغوية دالة تقبل التجزئة إلى وحدات أصغر غير دالة وهي ما يسمى بالكلمات (كوثر) .[/rtl]
[rtl]ب- الفويمات :[/rtl]
[rtl]وهي وحدات صوتية غير دالة لاتقبل التجزئة مثل الحروف ويتمثل التمفصل المزدوج في المثال التالي، ستذهب كوثر.[/rtl]
[rtl]- المفصل الأول : وهو الذي يكون بين المونيمات والكلمات، وحينما نغير موقع الكلمة أو حذفها ونستبدلها بأخرى بتغير المعنى وهذا ما يسمى بالتأليف وإعادة التأليف بين المونيمات لإنتاج دلالات جديدة : س + قد + ذهب + كوثر. نحذف كلمة ذهب ونستبدلها بكلمة أتى.[/rtl]
[rtl]- المنفصل الثاني : وهو الذي يكون بين الحروف أو الفونسيان حيث إذا غيرنا مواقعنا داخل الكلمة (المونيمة) أو إذا إستبدلناها بأخرى فتعطي معنى جديد مثل : كل ملك – لك.[/rtl]
[rtl]خلاصة :[/rtl]
[rtl]- هكذا يكون بمقدور الانسان أن ينتج مالا نهاية من العبارات والكلمات ومن تم من الدلالات والمعاني من عدد محدود من الوحدات اللغوية البسيطة، وهذا ما يسميه الله انيين. الاقتصاد اللغوي.[/rtl]
[rtl]هذا ويعتبر kassirer أن العلامة والزمن نتاج للنشاط العقل الإنسان حيث يتخذها وسائط رمزية تمثيلية تربط بشكل غير مباشر بين الفكر والواقع. وتمكن الانسان من التحرر من سلطة الواقع المادي بواسطة ذلك النظام الرمزي الذي يتشكل من : علوم – فلسفات – بيانات – فنون – أساطير... وهكذا يكون الانسان عبارة عن حيوان رامز لايدرك الواقع ولا يتواصل مع الآخرين إلا من خلال أنساق رمزية. وكلما تقدم هذا النسق الرمزي إلا وتوارى الواقع إلى الوراء ليعيش الانسان وجها لوجه أمام الفكر كبعد آخر من أبعاد الواقع حيث يجد نفسه أمام نظام رمزي لا يحيل مباشرة على الواقع الخارجي، وإنما يحيل على تصور أو فكرة ذلك أن الأفكار هي العمل الطبيعية للأشياء، أما العلامات والرموز اللسانية فهي علامات للأفكار، فكيف تنشأ الدلالة والمعنى ؟ كيف تنشأ الدلالة والرمز اللسانيات ؟ وماعلاقتهما بالأشياء والموضوعات.[/rtl]
[rtl]                                      الرمز والعلامة[/rtl]
[rtl]المحور الثالث : العلامة والرمز اللسانيات :[/rtl]
[rtl]تحليل نص Hegel[/rtl]
[rtl]مقدمة :[/rtl]
[rtl]يمثل النص الذي بين أيدينا وجهة النظر العقلانية الجدلية حول إشكالية العلامة والرمز اللسانيات فما هي العلامة وماهو الرمز ؟ وما هو الفرق بينهما ؟ وما هي علاقتها بالأشياء والفكر ؟ .[/rtl]
[rtl]عرض :[/rtl]
[rtl]نبطي هيكل في هذا النص معنيان للعلامة معنى عام حيث يكون للرمز والعلامة لنفس المعنى، ومعنى خاص حيث يكون لهما معنيان متناقضان. وهذا يعتبر هيكل أن العلاقة بين الدال والمدلول في العلامة الخاصة هي علاقة إعتباطية، نتيجة المواضعة والاتفاق، فالعلاقة هنا غريبة وعرضية إذ ليس هناك أي قاسم مشترك بين الدال والمدلول اللهم ما إصطلح عليه الناس. لكن في المقابل نجد أن العلاقة بين الدال والمدلول في العلامة الخاصة التي تكون الرمز هي علاقة طبيعية فهي ليست علامة إعتباطية ولا محايدة، بل إنهما يشتركان في بعض الخصائص مع أنهما يختلفان في أخرى، فتطابقهما ليس كاملا ولا تاما بل هو تطابق جزءي وإلا لما كان الرمز رمزا.[/rtl]
[rtl]وقد قسم هيكل نصه هذا إلى قسمين (فقرتين) تبتدأ الفقرة الأولى من بداية النص الأمة مثلا، حاول من خلالها أن يحلل إشكالية العلامة.[/rtl]
[rtl]أما الفقرة الثانية فتبدأ من الأمر مختلف إلى نهاية النص تطرق فيها إلى إشكالية الرمز.[/rtl]
[rtl]وقد دافع عن موقفه من العلامة والرمز إعتمادا على أسلوب التمثيل حيث قدم مجموعة من الأمثلة الملموسة كالألوان التي تدل على أمة من الأمم أما في الرمز فقد قدم مثال الأسد والثعلب والدائرة موظفا في هذا الإطار أسلوب المقارنة والتقابل بين العلامة من جهة و الرمز من جهة أخرى، مستعملا مجموعة من الروابط المنطقية مثل : غير – بين – إنما – هكذا – ذلك... كما إستعمل أسلوب النفي لايتلان والاستثناء ولكن ..بل والتأكيد إن وكذلك الاستنتاج وهكذا... وهكذا تنتهي مع هيكل إلى أن العلامة إعتباطية بينما الرمز علامة طبيعية.[/rtl]
[rtl]لكن هل يمكن إعتبار جميع العلامات ذات بعد إعتباطي متفق عليه ؟ ألا نجد بعض العلامات تحاكي الطبيعية مثل كلمة دقيق – حرير – نافذة...؟ .[/rtl]
[rtl]في المقابل أطروحة هيكل حول العلامة يعتبر أفلاطون العلاقة بين الدال والمدلول طبيعية وليست إعتباطية إذ يرى أن لكل شيء علامة أو إسما منسوبا إليه بصورة طبيعية وأن هذا الإسم ليس مصدره الانفاق ولكن الطبيعة هي التي منحت للأسماء معانيها، وأن كل شيء يأخذ إسمه من الطبيعة من خلال المحاكاة وتقليدها، وأن المشرع الذي يستطيع محاكاة الطبيعة هو المؤهل في نظر هيكل لتجزئ الصورة في الحروف والمقاطع اللسانية. وهكذا فإن الكلمات والأسماء تحاكي أصوات الطبيعة مثل حرير المياه، لفيف الأشجار.[/rtl]
[rtl]خاتمة :[/rtl]
[rtl]في هذا النص نرى أن هناك علاقة تعارضية بين هيكل و أفلاطون في إعطاء مفهوم العلامة والرمز فكل حسب مايراه، فهيكل يرى أن العلامة لاترتبط بالطبيعة عكس أفلاطون الذي يراها محاكاة للطبيعة.[/rtl]
[rtl]المحور الرابع :  اللغة – الفكر – التواصل – السلطة :[/rtl]
[rtl]تمهيد :[/rtl]
[rtl]من تطرق في هذا المحور إلى دراسة طبيعية العلاقة بين اللغة والفكر من جهة والسلطة من جهة ثانية، ثم وظائف اللغة، فإذا علمنا أن لكل من اللغة والفكر طبيعتان متناقضتان فكيف يمكن الحديث عن العلاقة بينهما ؟ بمعنى آخر ماهي طبيعة العلاقة بين اللغة والفكر ؟ هل هما منفصلان أم متصلان ؟ هل الفكر سابق عن اللغة مستقل عنها .؟ أم أنها أساسا الفكر ومنتجة ؟ .[/rtl]
[rtl]د) الأطروحة الميتاويزيفية :[/rtl]
[rtl]تقول بأسبقية الفكر عن اللغة واستقلاله عنها ويتبناها كل من أفلاطون – ديكارت – برحسون.[/rtl]
[rtl]أ- موقف أفلاطون :[/rtl]
[rtl]إذا كانت المعرفة حسب أفلاطون تذكر والجهل نسيان. فإن الأفكار تكون موجودة في أعماق النفس ينبغي فقط تذكرها بواسطة التأمل العقلي، وعليه فاللغة حسب أفلاطون لاتصنع الفكر لأنه سابق في وجوده عليها وما ينبغي القيام به هو تذكر من أجل معرفته، فالفكر هنا صورة توجد في عالم المثل أما اللغة فهي في العالم نفسه عالم الحلال والأوهام.[/rtl]
[rtl]ب- موقف ديكارت :[/rtl]
[rtl]إنطلاقا من الكوجيطو "أنا أفكر إذا أنا موجود" يعتبر ديكارت الفكر جوهر روحي مستقل خاصية الوحيدة هي التفكير أما اللغة بإعتبارها أصوات فهي جوهر ممتد" ومن تم فاللغة والفكر حسب ديكارت من طبيعتين متناقضين هو روحي وهي مادية وبالتالي فالفكر مستقل عن اللغة و منفصل عنها.[/rtl]
[rtl]ج- موقف هنري برجسون.[/rtl]
[rtl]يرى برجسون أن لغة العقل التي تقوم علما لتقسيم والتجزئ والقياس والتكمين بتقي عاجزة عن التعبير عن الفكر وإدارك الأيمومة النفسية التي لانفردها إلا بالحدس، خصوصا ما يتعلق بالتجارب الروحية والاشراقات الصوفية حيث تبدو هذه التجارب أغنى وأوسع من اللغة العادية التي رغم أنها مكنت الانسان من السيطرة على الطبيعة وتحريره من سلطة الأشياء فإنها تبقى في نطاق التجارب السطحية في حالات الوعي والشعور.[/rtl]
[rtl]2- الأطروحة العلمية (اللسانية) :[/rtl]
[rtl]د-[/rtl]
[rtl]على عكس التصور التقريبي لعلاقة اللغة بالفكر يعتبر هذا الفيلسوف أن الفكر بدون لغة ليس سوف كتلة عديمة الشكل غير متميزة لا فواحل فيها ولا وحدات، إنه ليس سوى غماء وشديد ليس فيه شيء محدد، وهو مضطر لكي يزول عن عمائه إلى الاسقانة باللغة من أجل التمييز بين فكرتين ومعنيين بصورة واضحة. فاللغة هي التي تضع تقسيمات وتفصل بين الوحدات لكي تتضح الأفكار وتتمايز. وهكذا ليس هناك فكر سابق عن اللغة ومنفصل عنها. ومن أجل البرهنة على هذه الأطروحة قدم هذا الفيلسوف مجموعة من الأمثلة وقد شبهها بنسمة ريح هبت على صهريج ماء فادت إلى جعل سطح الماء ينقسم إلى تقسيمات وتموجات، فهذه التموجات هي التي تعطينا فكرة عن علاقة اللغة بالفكر، كما قدم مثالا آخر شبه فيه علاقة اللغة بالفكر بوجهي الورقة النقدية، فالوجه هو الفكر والمظهر هو اللغة، ولا يمكن أن نحدث قطعا في وجه الورقة دون أن نقطع ظهرها في نفس الوقت. وهكذا لايمكن تصور فكر بمجزل عن اللغة بل هما متداخلات كل منهما محتوى الآخر.[/rtl]
[rtl]تحليل نص                           الفكر والكلام[/rtl]
[rtl]مقدمة :[/rtl]
[rtl]نعتبر النص الذي بين أيدينا أحد النماذج الفلسفية، التي تحاول التفكير في إشكالية اللغة والفكر وطبيعة العلاقة التي تجمعهما، من الناحية الفينومونولوجية، وبناء عليه يمكن طرح الإشكالية التالية :[/rtl]
[rtl]- ماهي طبيعة العلاقة بين الكلام والفكر ؟    - هل يمكن أن يكون الكلام مجرد علامة للفكر ؟ سعنبي آخر هل يمكن أن نقبل أن تكون علاقة الكلام بالفكر علاقة إنفصال ألا يمكن على العكس من ذلك أن يكون الكلام هو جسد الفكر وحضوره ؟ .[/rtl]
[rtl]عرض :[/rtl]
[rtl]أ- التحليل : يؤكد ميرلوبونين في هذا النص أي علاقة اللغة بالفكر لا يمكن أن تكون إلا علاقة إتصال وإحتواء متبادل لأنهما يتكونان في آن واحد، وهكذا فهو يرفض الموقف الكلاسيكي لعلاقة اللغة بالفكر، والذي يجعل الكلام مجرد علامة منفصلة عن ماتدل عليه بمعنى آخر ينفي ميرلوبونتي أن يكون الكلام مجرد لباس أو غلاف للفكر لأن الكلام هو جسد الفكر وشعاره، فما يجعل الفكر يحصر إلى العالم الخارجي هذا الكلام إذ لا وجوج لفكر خارج الكلمات والعلامات. وحتى التفكير الصامت الذي قد يوحي بانفصال اللغة عن الفكر في نظره كلام مهموس وبالتالي فالفكر ليس داخليا والكلام ليس شيئا خارجيا بل إنهما مظهران لوحدة اللغة مع الفكر. وقد إتخذ النص أسلوبا حجاجيا سجاليا بين موقفين متقارضين الأول يمثل التيار الكلاسيكي وهو الذي استهل به نصه ثم يتلوه مباشرة بموقفه الخاص مستعملا في ذلك مجموعة من الآليات الحجاجية، تعتمد بالخصوص على النفي أليس – فلا – لا يحتل أو الاستثناء (إلا) في محاولة الضغظ الموقف الكلاسيكي. ثم تعتمد على آلية التأكيد للدفاع عن موقفه الخاص (إن – لابد- بل – خيران...) كما إستعمل المنطق الشرطي دون أن ينسى توظيف تقنية نفسه (الصمت صحيح الكلام) الاستبطان لملاحظة التفكير الصامت الذي يبدو أنه تفكير لا يخلو من كلام ولو أن هذا الكلام غير مسموع. وفي هذا الإطار يمكن إستحضار تصور اللسانيات المعاصرة ممثلة في رائدها دي سوسي الذي يشبه علاقة بل للغة بالفكر بوجهي الورقة النقدية... أو يشبه علاقة اللغة بالفكر بعلاقة الرياح بسطح الماء.[/rtl]
[rtl]هذه الأمثلة تؤكد على إتحاد اللغة بالفكر بحيث لايمكن تصور فليس بدون لغة. لكن ألا نجد في بعض الأحيان أن اللغة عاجزة عن التعبير عن الفكر ؟ أليست الطبيعة متناقضة لكل من الكلام والفكر سببا في إنفصالهما ؟ .[/rtl]
[rtl]المناقشة :[/rtl]
[rtl]نجيب عن السؤال الأول : يؤكد برجسون (للرجوع إلى الدرس) بينما يذهب ديكارت في نفس إتجاه برجسون بناء على تناقض خصائص كل من اللغة والفكر... .[/rtl]
[rtl]اللغة والتواصل :[/rtl]
[rtl]تمهيد :[/rtl]
[rtl]إذا كانت اللغة أداة للتعبير عن الفكر فهي أيضا عنصر للتواصل الاجتماعي، فلا مجتمع بدون لغة، كما أنه ليس هناك مجتمع بدون تواصل، فكيف يتحقق هذا التواصل ؟ هل في إطار من الوضوح والشفافية ؟ أم أن عملية التواصل هي عملية غير بريئة يشوبها الكذب والاخفاء ؟ .[/rtl]
[rtl]1- أطروحة رومان جاكو بسون : نعتبر اللغة في النظرية التواصلية لجاكوسيون أداة تبليغ للمعرفة والأفكار والمشاعر والمعلومات في إطار من الوضوح والشفافية بشرط توفر العناصر التالية : ا- السياق 2 – المرسيل 3 – الرسالة 4 – المرستل إليه إلا نضال السنن (اللسان المشترك) لكن هذه الوظيفة التواصلية للغة باعتبارها علاقة نقل خبر أو معلومات وأن هذه المعلومات هي بالتعريف تظهر على نحو صريح مكشوف أمام المتلقى قد أضحت موضع تساؤل من طرف اللسانيين أنفسهم فهل تكون اللغة أداة شفافة وبريئة تمكن من نقل الأخبار بهذا الوضوح والشفافية ؟ ألا يمكن أن نقول العكس، أن اللغة أداة إخفاء وكتمان وكذب ؟ .[/rtl]
[rtl]2- أطروحة ديكرو : يرى ديكرو أن العلاقات بين الذوات لاترتد إلى التواصل بمعناه الضيق : وإنما تندرج تحت طائلة من العلاقات البشرية لا يصبح فيها اللسان أداة تواصل فقط، وإنما إطار مؤسسا تقوم عليه تلك العلاقات، لايصبح اللسان شرطا للحياة الاجتماعية فقط وإنما بمطالها، يحقد معها براءته، وشفافيته، هذا ما تؤكده التجربة اليومية، ذلك أن اللغة ليست وسيطا نريها وشفافا بين الدوان المتخاطبة بل كثيرا ما تنقلب إلى آلية للإخفاء والكتمان، أو التظاهر بالإخفاء بواسطة آلية الاخصار، تتحول معها اللغة إلى قواعد لعب يومي لا بالمعنى السطحي للكلمة وإنما كاستراتيجية يعتمد الحساب والتقدير المسبقين للنتائج، لايتحمل معها المتكلم مسؤولية النطاق بها. تعود ضرورة الاخمار هذه في العلاقات الاجتماعية إلى مجموعة من المحرمات اللغوية والدينية والاجتماعية والثقافية وإلى عوامل نفسية لاشعورية أو شعورية، ولاتقف هذه الإكراهات عند هذا الحد بل هناك إكراهات وإلزامات أخرى تفرض سلطتها على المتكلم تسمى بالإكراهات اللسانية فما هي هذه الاكراهات ؟ وكيف تفرض اللغة تسيطرتها على المتكلم ؟ .[/rtl]
[rtl]اللغة والسلطة :[/rtl]
[rtl]أطروحات رولان بارت :[/rtl]
[rtl]يرى رولان بارت أن كل إنسان هو عبارة عن تصنيف قمتي يتحدد بالالزام والاكراه والارغام أكثر مما يتحدد بالمستحسن والمباح، وهكذا فالمتكلم ملزم باحترام قواعد معينة، ملزم باستعمال إما المذكر أو المؤنث : بدل المحايد، ملزم بتمييز ذاته عن الغير باستعمال ضمير المخاطب أنت أو أنتم، وهكذا فالفرد لايتكلم حسب إدارته ولكن سبقا لما تريده وتحدده القوانين اللسانية، لذلك تتجاوز اللغة في نظر رولات بارت وظيفة التبليغ والتواصل لتصبح أداة للسلطة والايضاح والارغام، الشيء الذي جعل بارن يصرح بأن اللسان    ذلك لأن الفايشي ليس هي الحيلولة دون الكلام وإنما الارغام عليه، وعليه يعتقد رولان بارت أنه ما أن ينطق الانسان حتى ينخرط في خدمة سلطة معينة، التي تجبر الأفراد على إنتاج خطابات تبعا لقواعد محددة سلفا[/rtl]
وهكذا يميز R. I بين نمطين من السلطة في اللغة، تجعل المتكلم سيدا وعبدا في نفس الوقت، سيد من حيث الطابع الالكاتي التوكيلي للغة الذي تجعله ينصت ما يقوله. وعبدا من حيث الطابع القطيعي للتكرار. الذي ينزع إلى جعل الانمات تابعا وفردا في القطع يعتبر الكلمات والألفاظ التي ينطق بها في مجتمعه. هكذا نخلص مع رولان بارت أن لا حرية إلا خارج اللغة، وبما أن اللغة لا خارج لها فلا محيل لنا عنها إلا عن طريق المستحيل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:26 am

الحق والعدالة
تقديم إشكالي:

إذا كان مفهوم العدالة صفة لما هو عادل بحيث يحتوي معاني متعددة كالفضيلة الأخلاقية و التصرف وفق القوانين و التشريعات ، مما يجعل العدالة ترتبط بالمؤسسات القانونية و التشريعية التي تنظم العلاقات بين الأفراد كما يرتبط بالقيم الأخلاقية، فإن مفهوم الحق متعدد الدلالات حسب المجال الذي يستخدم فيه، ففي المجال المعرفي المنطقي يفيد الحق الحقيقة و اليقين و الإستدلال السليم أما في المجال الأخلاقي فإنه يفيد العدل و المساواة و الإنصاف مما يجعل مفهوم الحق و العدالة متذاخلين و ينفتحان و يتقاطعان مع مفاهيم أخرى مما يثير مجموعة من الإشكاليات منها:

-هل يتأسس الحق على ما هو طبيعي أم على ما هو قانوني؟

-ما هي طبيعة العلاقة بين الحق و العدالة؟ أيهما يتأسس على الآخر؟

-هل يمكن وجود الحق خارج القوانين و التشريعات؟

-إذا كانت العدالة هي تحقيق للمساواة و الإنصاف فهل تستطيع أن تنصف جميع الأفراد داخل المجتمع؟

الحق الطبيعي و الحق الوضعي:

هل ترتبط العدالة بالحق الطبيعي أم بالحق الوضعي؟

نص:طوماس هوبس:

الإشكال:هل للعدالة ارتباط بالحق الطبيعي أم بالحق الوضعي؟ 

أطروحة النص: يؤكد طوماس هوبس أن العدالة ترتبط بالحق الوضعي و تتعارض مع الحق الطبيعي لأن الحق الطبيعي يحتكم إلى القوة و يخضع لتوجيهات الغريزة و الأهواء مما يجعله حقا يقوم على الحرية المطلقة التي تبيح للفرد القيام بكل مامن شأنه أن يحفظ حياته )العدوان ،العنف ، الظلم(أما الحق الوضعي فهو حق يحتكم إلى القوانين و التشريعات المتعاقد عليها و يخضع لتوجيهات العقل مما يجعله يحد من الحرية المطلقة لكنه يضمن حقوق الأفراد و يحقق العدل و المساواة ،و بذلك يخلص هوبس إلى أن العدالة ترتبط بالحق الوضعي القانوني أي بالحرية المقننة بالقوانين و التشريعات و تتعارض مع الحرية المطلقة التي تستند إلى القوة و الغريزة.

نص: جان جاك روسو:

الإشكال: هل يمكن تحقيق العدالة خارج القوانين أم تشترط الإرتباط بها؟

أطروحة النص: يميز جان جاك روسو بين حالة الطبيعة التي يخضع فيها الأفراد لأهوائهم و رغباتهم بحيث تطغى عليهم الأنانية و الذاتية و يحتكمون إلى قوتهم ، و بين حالة التمدن التي يمتثل فيها الأفراد لتوجيهات العقل و يحتكمون إلى القوانين و التشريعات في إطارغقد اجتماعي يساهم الفرد في تأسيسه و يلتزم باحترامه و طاعته و يمارس حريته في ظله.

إذن فالعقد الاجتماعي يجسد الإرادة العامة التي تعلو على كل الإرادات الفردية، فالإمتثال و الخضوع للعقد الإجتماعي هو خضوع للإرادة الجماعية التي تحقق العدل و المساواة و تضمن الحقوق الطبيعية للأفراد و بذلك فالإمتثال للقوانبن التي شرعها العقد لا تتعارض مع حرية الفرد مادام العقد الإجتماعي هو تجسيد لإرادة الأفراد.

فماهي طبيعة العلاقة بين الحق و العدالة و أيهما أساس الآخر؟ 

العدالة اساس الحق:

ماهي طبيعة العلاقة بين العدالة و الحق؟أيهما أساس الآخر؟ 

إشكال النص: ماهي دلالة العدالة؟ هل تقوم العدالة على أساس الحق و الفضيلة ؟ 

أطروحة النص: يحدد أرسطو مفهوم العدالة باعتبارها هي التصرف وفق القوانين و التشريعات و تحقيق المساواة في مقابل الظلم الذي يعتبر خرقا للقوانين و منافاة للمساواة ليؤكد أن العدالة هي حد وسط بين الإفراط و التفريط ، و قد اعتمد أرسطو أسلوبا حجاجيا وظف خلاله التقابل و التمييز و التأكيد، فهو يميز بين نوعين من العدالة : عدالة بمفهومها الأخلاقي أي الإمتثال للقوانين و تحقيق الفضيلة الأخلاقية و عدالة بمعنى المساواة و الإنصاف و تنقسم إلى عدالة توزيعية تقوم على توزيع الخبرات الإقتصادية بين الأفراد بالمساواة حسب طاقاتهم و أعمالهم ، و عدالة تعويضية تقوم على تنظيم المعاملات بين الناس على أساس القوانين و التشريعات لمنع الظلم وتصحيح السلوك الذي ينحرف عن القانون ، ليخلص بعد ذلك إلى أن غاية العدالة هي تحقيق الفضيلة باعتبار العدالة أم الفضائل.

نص: باروخ سبينوزا: 

الإشكال الذي يجيب عنه النص:

ماهي الغاية من الديموقراطية و هل يمكن اعتبار العدل أساس الحق؟

أطروحة النص: يعتبر سبينوزا أن هناك مبدأ تقوم عليه الدولة الديموقراطية و هو تحقيق الأمن و السلام للأفراد من خلال الإحتكام للقوانين التي وضعها و شرعها العقل و تم التعاقد عليها ، و بذلك يتم تجاوز قوانين الطبيعة التي تحتكم إلى الشهوة و الغريزة و تستند إلى القوة الفردية مما يؤدي إلى انتشار الفوضى و الظلم و العدوان و الكراهية و الصراع ، فالقانون المدني الذي تجسده الدولة كسلطة عليا هو قانون من وضع العقل و تشريعه، لذلك يجب على الأفراد الإمتثال له و الخضوع له حفاظا على حريتهم و حقوقهم لأنه يجسد العدالة و يسمح بأن يأخد كل ذي حق حقه بذلك تتحقق المساواة و الإنصاف من خلال ضمان حقوق الجميع و عدم التمييز بينهم سواء على اساس طبقي أو عرقي أو جنسي أو غيرهم ؟ إذا كانت العدالة هي تحقيق المساواة و الإنصاف و إعطاء كل ذي حق حقه فهل يمكن تحقيق الإنصاف لجميع الأفراد داخل المجتمع ؟

العدالة بين المساواة و الإنصاف:

إذا كانت العدالة هي تحقيق المساواة فهل يمكن تحقيقه لجميع الأفراد داخل المجتمع؟

نص:أفلاطون:

الإشكال: ماهي دلالة العدالة ؟ كيف يمكن تحقيقها على مستوى الفرد و المجتمع؟

الأطروحة : يبين أفلاطون من خلال تحقيق الإنسجام و التكافل بين قوى النفس القوة العاقلة القوة الغضبية ،القوة الشهوانية. 

تتحقق السعادة النفسية إما على المستوى الإجتماعي فالعدالة هي تحقيق الإنسجام و التكامل بين الفئات و الطبقات المكونة للمجتمع الحكام الجنود عامة الناس حين يقوم كل واحد بالوظيفة التي هيأته طبيعته لها دون تذخله في شؤون غيره يتحقق التكامل و الإنسجام فتتحقق العدالة والفضيلة و بذلك تتحقق سعادة الدولة و المدينة.

لكن هل تتحقق المساواة المطلقة بنصف جميع الأفراد ألا يلحق الظلم و الجور في حق البعض؟ 

نص: ماكس شيلر: 

الإشكال : هل المساواة المطلقة إنصاف و عدل أم ظلم و جور؟

أطروحة النص: ينطلق ماكس شيلر من انتقاد الإتجاهات الأخلاقية الحديثة التي تدعو إلى المساواة المطلقة بين الأفراد بغض النظر عن اختلاف طبائعهم و تفاوت قدراتهم و مؤهلاتهم، ليؤكد خلافا لذلك أن المساواة التي تحقق العدل والإنصاف هي التي تراعي اختلاف الناس في الطبائع و التفاوت في القدرات و المؤهلات فهي إعطاء كل ذي حق حقه اعتمادا على قدراته و مؤهلاته و عطائه.
البنية الحجاجية: يعتمد النص آلية النقد و التفنيد فهو ينتقد الإتجاه الأخلاقي الحديث الذي يساوي بين الناس مساواة مطلقة دون مراعاة للإختلافات الطبيعية و التفاوت و التحايز في القدرات و المؤهلات و يؤكد أن هذه المساواة نابعة من حقد وكراهية من طرف الضعفاء و المتخلفين، اتجاه الأقوياء والمتفوقين ليخلص إلى أن المساواة الحقيقية هي التي تحقق الإنصاف اعتمادا على مراعاة الإختلافات و التمايزات بين الأفراد حسب طبائعهم و مؤهلاتهم الفكرية و العقلية و الجسدية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:28 am

التاريخ
التــاريــخ الإنسان في الوضع البشري شخص يتفاعل مع الغير و له ماض تُؤثِّرُ أحداثُه الحية في تكوين هويته و تأطير علاقاته و تحديد قيمته و مصيره . فالإنسان إذن كائن تاريخي يتأثر بماضيه و يسعى لمعرفته ، و يستشرف في ضوء ذلك مستقبله و يعمل على تحقيقه . إنه يتأثر بما أنجزه السَّلَف و سوف يؤثر بما يفعله هو في الخَلَف . و يبدو أن كلمة التاريخ تحمل عدة معان : فهي من جهة تدل على الماضي و ما وقع فيه من أحداث ، و من جهة ثانية المعرفة بذلك الماضي ، و من جهة ثالثة قدرة الإنسان على تجاوز الماضي و صنع المستقبل . فما التاريخ ؟ وهل يمكن قيام معرفة علمية بالتاريخ ؟ ومن يتولى قراءة التاريخ : المؤرخ أم الفيلسوف ؟ و كيف يتحرك التاريخ ؟ و ما هي القوة الفاعلة و المحركة للتاريخ ؟ 

1) المعرفة التاريخية : 

يرى المفكر المغربي المعاصر عبد الله العروي أن قراءة التاريخ عمل مشترك بين المؤرخ و الفيلسوف ، فكيف ينظر كل منهما للتاريخ ؟ إن المؤرخ يهتم بالأحداث العابرة ( هذه الحرب أو تلك لا الحرب بصفة عامة ، كالحرب العلمية الأولى مثلا ) ، أما الفيلسوف فينشغل بالبحث عن القوانين الدائمة التي تحكم تاريخ البشرية ككل ( القانون العام الذي يجعل البشر يتحاربون مثلا ) . فالمؤرخ يبحث عن تسلسل و تعاقب الأحداث في زمان و مكان معينين ؛ أما الفيلسوف فيتساءل عن القانون العام الذي يحكم وقوع الأحداث . لكن الاختلاف بينها لا يعني تعارضهما بل تقاطعهما و تكاملهما . فكل طرف يستفيد من عمل الآخر : فالمؤرخ يحتاج إلى نظرة فلسفية توجه عمله وتمكنه من فهم الحدث الجزئي في إطاره العام ، و الفيلسوف يتوقف على معطيات تاريخية تسند نظريته لتأكيد مصداقيتها . ويؤكد هذه الفكرة الفيلسوف و عالم الرياضيات الفرنسي دالمبير jean le rond D’ALEMBERT (1717-1783) بقوله : ‘‘ أن علم التاريخ عندما لا يكون مُضَاءً بنور الفلسفة يكون في مُؤَخّْرة المعارف الإنسانية ’’.

التاريخ أحداث مضت و لم يعد لها وجود ، لكن أثرها لا زال مستمرا يفعل فعله في الحاضر و يمتد نحو المستقبل . فالتاريخ إذا هو ماضي انقضى و ولى و لم يعد موجودا كأحداث و إنما كآثار، و المعرفة التاريخية هي الوعي بهذا الماضي . فكيف يمكن استعادة و استرجاع هذا الماضي ؟

يمكن استعادة الماضي انطلاقا من المصادر التاريخية (وثائق و آثار ) التي خَلَّفَها السابقون كشاهد على ما حدث لهم و ما أنجزوه . لكن الوثائق ليست تاريخا و إنما شاهد عليه .‘‘ فالتاريخ يُصْنَعُ بالوثائق ، و حيث لا وثائق لا تاريخ ’’. فكيف يستعيد المؤرخ الوقائع التاريخية من الوثائق ؟ ليست المعرفة التاريخية جاهزة في الوثائق ، و إنما هي عملية بناء منهجي ينجزها المؤرخ انطلاقا من وثائق و اعتمادا على منهج و تأسيسا على موقف يلتزم به المؤرخ . لكن عملية البناء هاته تعترضها عدة عوائق . فما هي هذه العوائق ؟ وكيف يكمن تجاوزها ؟

ثمة صنفان من العوائق : عوائق تتعلق بالمادة التاريخية أي الوثائق ، و عوائق تتعلق بذاتية المؤرخ . فالوثائق ليست تسجيلا كاملا لما حدث ، و أن بعض ما وقع لم يتم تدوينه . و أن بعض الوثائق نَقَلَتْ بعض ما وقع و سكتت عن بعض و شوَّهت بعضها الآخر و أن بعضها كان اختلاقا لأحداث و ربما نسبت أدوارا تاريخية لأشخاص لم يكن لها دور . و هذا ما يجعل الوثائق ليست تسجيلا أمينا و صادقا و موضوعيا. فالوثائق لا تخلو من مواقف أصحابها ، بحيث تكون تعبيرا عن موقف لا وصفا لما وقع . و أن الوثائق حول موضوع واحد تكون متعارضة و متضاربة . وأن الوثيقة الواحدة قد تقرأ بحسب مواقف المؤرخين عدة قراءات مختلفة ، و قد يعاد قراءتها في ضوء اكتشاف وثائق جديدة أو تلبية لحاجات العصر (القراءة الوطنية – القراءة الاستعمارية ....) إضافة إلى كل هذا فإن بعض الوثائق تعرضت للتلف و الضياع ، و أن بعضها ليس في متناول المؤرخين ... أما العوائق المتعلقة بذاتية المؤرخ فتتجلى في كون المؤرخ ذاتٌ لها إيديولوجيتها (خلفياتها الحضارية – معتقدها الديني و موقفها المذهبي – و توجهاتها السياسية و الاقتصادية –انتماؤها الطبقي – وانتسابها الوطني - تحيزها العرقي – ميولاتها العاطفية....) . و يقترح الفيلسوف الفرنسي بول ريكور paul RICOEAR (1913-2005) لتجاوز هذه العوائق اعتماد منهج علمي يقوم على جملة خطوات وهي : الملاحظة و المساءلة والاستنطاق و إعطاء الوثائق دلالات و بالتالي إعادة بناء الواقعة التاريخية . إن اعتماد هذا المنهج يمكن المؤرخ من فحص الوثائق و التأكد من صدقيتها و الربط فيما بينها و ملء الفراغ الذي تتركه و إضفاء المعقولية عليها . و إذا كان المؤرخ ينتمي للحاضر فهل يمكنه بواسطة هذا المنهج معرفة الماضي كما يعرف الحاضر ؟ يجيب عالم الاجتماع الفرنسي أرييل آرونARON Ariel (1905-1983) إن المعرفة بالماضي تختلف عن المعرفة بالحاضر . فالمعرفة بالحاضر هي معرفة تلقائية عفوية بما نعيشه أي بالعالم المحيط بنا ، أما المعرفة بالماضي فهي معرفة غير مباشرة تقتضي جهدا منهجيا لإعادة بناء ما لم نعشه أي عالم الذين عاشوا قبلنا . إذن فعلمية الدراسات التاريخية هي نتيجة ممارسة منهجية يماثل فيها عملُ المؤرخ عملَ الفيزيائي . 
إن اعتماد هذا المنهج يمكن فعلا من تجاوز العديد من الصعوبات لا كلها ، الأمر الذي يُبْقِي المعرفة التاريخية معرفة نسبية و ناقصة .

لم تكتف المعرفة التاريخية بفهم الماضي البشري بل سعت أيضا إلى التساؤل عن إيقاع حركة التاريخ ، فكيف يتحرك التاريخ ؟

2)- التاريخ و فكرة التقدم :
 

الغاية من معرفة الماضي هي المعرفة بالمنطق الذي يتحرك وفقه التاريخ ، و ذلك لاستشراف المستقبل . يعتقد البعض أن التاريخ تقدم ، فما التقدم ؟ وهل التقدم هو القانون الوحيد الذي يحكم حركة التاريخ ؟

التقدم حركة نمو متزايد يَفْضُلُ فيه اللاحقُ السابقَ و يزيدُ عليه ، و يسير نحو بلوغ الكمال . إنه مفهوم يفترض انسجام و تجانس حركية التاريخ ، يستبعد الصدفة و المفاجأة ، و ينهض على الحتمية التي يمكن في ضوئها توقع المستقبل .

يربط كارل ماركس (1817-1883) تاريخ الإنسان بعملية الإنتاج ، و الإنسان إذ ينتج حاجاته ينتج ذاته و شروط حياته و بالتالي يصنع تاريخه . و لقد عرف الإنسان حتى الآن تعاقب 5 أنماط إنتاج ، و هي : نمط الإنتاج المشاعي البدائي – نمط الإنتاج العبودي – نمط الإنتاج الإقطاعي – نمط الإنتاج الرأسمالي و أخيرا نمط الإنتاج الاشتراكي . و أن الانتقال من نمط إنتاج إلى النمط الذي يعقبه يتم نتيجة تناقض علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج ، الذي يُعَبِّر عنه الصراعُ الطبقي . و أن هذا الانتقال تم تدريجيا و وفق شروط موضوعية نحو الكمال ، بحيث يكون فيه اللاحق أرقى من السابق ، و أن الآتي سوف يكون بالضرورة أسمى . و عليه فإن القول بالتقدم يعني أن للتاريخ نهاية ، و نهاية التاريخ عند الماركسية هي قيام نمط إنتاج غير طبقي هو النظام الشيوعي . يفهم من هذا أن التقدم عند ماركس هو منطق التاريخ .

غير أن مفهوم التقدم تعرض على يد نظريات فلسفية لعدة انتقادات ، مادام أن التاريخ نفسه يقدم الدليل على أن مجتمعات شهدت تأخرا (المجتمعات الإسلامية ) ، و أخرى لا زالت تعرف ركودا ( المجتمعات البدائية حاليا ) ، و أن حضارات تفككت و انهارت و لم يعد لها وجود . و لقد عرف التاريخ أيضا مفاجآت و اضطرابات و أحداثا عرضية إذ لم يحدث فيه ما كان متوقعا ، و حدث فيه ما لم يكن منتظرا . إذا فالتاريخ يعرف سخونة و برودة ، و أن حركته ليست منتظمة و لا محددة سلفا ، و لا تسير بالضرورة نحو الكمال ، و أن ليس للتاريخ نهاية محددة . و عليه فلا توجد حتمية مطلقة في التاريخ . و يؤكد الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو (1926-1984) هذا بقوله : ‘‘ إن ما يجري الآن ليس بالضرورة أفضل مما كان يجري من قبل و أجود منه إنشاء أو وضوحا .’’ . و يؤكد غرامشي (1891-1937) نفس الشيء بقوله : ‘‘ الصيرورة مفهوم فلسفي يمكن أن يخلو من معنى التقدم . إن التقدم مرتبط بالمفهوم الساذج للتطور .’’

و لذلك يرى البعض أن التقدم مفهوم إيديولوجي نادت به و تحمست له الطبقة البورجوازية ، و رأت فيه مصلحتها و علقت عليه آمالها لتنزع عن الماضي بهاءه و مَجْدَهُ ، و تقضي على تلك الأسطورة التي تقول بماض ذهبي عرفته الإنسانية ، و عليها أن تَحِنَّ إليه حنينا متواصلا ، و أهم الانتقادات الموجهة لفكرة التقدم هي :

التقدم فكرة معيارية تحمل حكما تقديريا ، تعبر عن رغبة الطبقة البورجوازية ، و ادعاء انتصارها بأن المجتمع الحالي أفضل من السابق . إنه مفهوم ذو نزعة تبريرية تخلط بين الرغبة و الواقع .
إن فكرة التقدم ليست عامة و كلية صالحة لتفسير كل حركة التاريخ الإنساني .
إنه مفهوم ذو صلاحية قطاعية لا يمكن أن ينسحب على التاريخ برمته : لا يهم كل المجتمعات ، و لا كل القطاعات . يقول ماو تسي تانج (1893- 1976) : ‘‘ ليس في العالم شيء يتطور دائما بطريقة متكافئة ’’.
إنه مفهوم لا ينفصل عن فكرة نهاية التاريخ ، يفترض غائية و حتمية يمكن في ضوئهما توقع الأحداث بكل دقة و لا تترك للصدفة أو المفاجأة مجالا .
إنه مفهوم يهمل الجزئيات لصالح وفائدة الكل .
غير أن مشروعية فكرة التقدم توجد في كونها موجهة لطموح الإنسانية في سبيل تجاوز مظاهر التخلف .

و في نفس السياق يؤكد الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلو- بونتي (1908-1961) أن منطق التاريخ (التقدم ) ليس سوى إمكانية ضمن إمكانيات أخرى . فلقد عرف التاريخ بالإضافة إلى التقدم تأخر مجتمعات و ركود أخرى و انهيار ثالثة .... وأن قطاعات اجتماعية تقدمت في حين أن قطاعات أخرى عرفت ركودا أو تراجعا ، و أن أحداثا حصلت فجأة ، الشيء الذي يدل على أن التاريخ تتخلله انحرافات و قفزات و مفاجآت و ركود و تراجعات و تخلف و انحطاط أي أن حركة التاريخ ليست محددة سلفا و أن ليس للتاريخ هدف معين يسير نحوه . إذا فحركة التاريخ غير متجانسة أي عرضية ، لكنها لا تتعارض مع منطق التاريخ و لا تلغيه . و لذلك صار منطق التاريخ (أي فكرة التقدم ) مجرد إمكانية ضمن إمكانيات أخرى . و هذا ما يجعل حركة التاريخ سيرورة مفتوحة على كل الاحتمالات .

3 )- دور الإنسان في التاريخ :

تقودنا فكرة حركية التاريخ إلى طرح السؤال التالي : أي دور يقوم به الإنسان في التاريخ ؟

يقارب الفيلسوف المثالي الألماني هيجلHEGEL (1770-1831) هذه الإشكالية من خلال نقده للتصور المتداول و المألوف للتاريخ الذي يقول أن أبطال و عظماء التاريخ (رجال الدولة و السياسة و رجال الاقتصاد و الأعمال و القادة العسكريون و العباقرة من العلماء و الأدباء و الفنانين ...) هم الفاعلون الحقيقيون في التاريخ . غير أن هيجل يرى أن التاريخ ليس أحداثا متعاقبة بل إنه حركة روح موضوعية كلية . فهذه الروح نشيطة توجد في صيرورة تفصح عن ذاتها في أفكار يعتنقها العظماء ، كل في مجاله و في المرحلة التاريخية التي يوجدون فيها ، و يعملون على انجازها بحيث أن اللاحق يواصل ما انتهى إليه السابق . و عليه فالتاريخ هو تاريخ أفكار لا تاريخ أشخاص ، فالأشخاص يتساقطون مع الزمن ، أما الأفكار فتواصل تقدمها و نموها . و ليس الأشخاص سوى أدوات و وسائل في يد الروح تسخرهم في صيرورتها نحو المطلق .

إذا فالتاريخ ماكر يظهر لنا أن الأبطال هم صناع التاريخ لكنهم في الحقيقة مجرد أدوات مسخرة . فالأشخاص مثلا ليسوا أحرارا إلا بالانتماء لفكرة الحرية و النضال من أجلها . و هكذا كل واحد من المناضلين يكافح و يعتقل و يُعَذَّبُ و يموت من أجلها ، و يواصل الجيل الذي بعده العمل من أجل نموها . فهم يتساقطون لكنها هي تستمر نامية مع الزمن . 

أما جان بول سارتر( 1905-1980) الفيلسوف الوجودي الفرنسي فيعارض التصور الهيجيلي مؤكدا أن ليس للتاريخ من فاعل ما عدا الإنسان ، فالإنسان ليس أداة في يد روح كونية لا وجود لها . كما أنه ينتقد التصور الماركسي الذي يؤكد أن الإنسان في فاعليته التاريخية محكوم بشروط موضوعية ، الأمر الذي يجعل منه آلة في يد قوى غير بشرية . يقول سارتر : ‘‘ الإنسان هو الكائن الذي يملك إمكانية صنع التاريخ ’’. ليس الإنسان أداة بل فاعلا تاريخيا له مشروع ذاتي يسعى بوعي و حرية لانجازه . فتاريخية الإنسان لا في كونه يحمل ماض حي بل في كونه يصبو نحو المستقبل عن طريق الممارسة . فالممارسة هي فعل الذات الواعي الحر القصدي و الخلاق لتحقيق مشروعها الذاتي . و الممارسة نفي و إبداع : نفي و تجاوز الوضعية التي يوجد فيها ، و إبداع ذاته كمشروع مستقبلي. فالإنسان ليس نتيجة الظروف ، بل إن الظروف نفسها من إنتاجه ، إنه الفاعل الحق للتاريخ . يقول سارتر : ‘‘ إن الأساسي ليس هو ما صُنِعَ بالإنسان ، بل صَنَعَهُ هو بما صُنِعَ به ...أما ما يَصْنَعُهُ الإنسانُ فهو التاريخ ذاته ، هو التجاوز الواقعي لهذه البنيات عن طريق ممارسة جامعة . ’’

لم يبق التاريخ مع سارتر مجالا للضرورة ، بل مجالا للحرية يحقق الإنسان فيه ذاته على الدوام كمشروع . و عليه فتاريخية الإنسان لا في كونه مشروطا بأحداث الماضي فقط ، وإنما أيضا في قدرته على صنع ماهيته بأن يقذف بنفسه نحو المستقبل كمشروع ذاتي 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:31 am

مسالة العلمية في العلوم الانسانية

[rtl]تقديم:[/rtl]

[rtl]إن كل المواضيع التي  تدرسها الفلسفة لها علاقة وطيدة بالإنسان، ولذلك فقد اعتبر الفيلسوف كانط بأن السؤال المركزي في الفلسفة هو: ما الإنسان ؟[/rtl]

[rtl]غير أن ما وقع هو ظهور علوم تسمى بالعلوم الإنسانية ، مثل علم النفس وعلم الاجتماع ، انفصلت منذ بداية القرن التاسع عشر عن الفلسفة ، وحاولت دراسة الظواهر الإنسانية بمناهج العلوم التجريبية التي تدرس الظواهر الطبيعية. غير أن اختلاف موضوع العلوم الطبيعية عن موضوع العلوم الإنسانية طرح إشكالين رئيسيين في مجال العلوم الإنسانية؛ هما إشكال موضعة الظاهرة الإنسانية من جهة وإشكال المنهج المعتمد في دراستها من جهة أخرى.[/rtl]

[rtl]إن الظاهرة الإنسانية هي ظاهرة معقدة وواعية ومتعددة الأبعاد،كما أنها ظاهرة متغيرة وتتداخل فيها الذات مع الموضوع. وهذا ما يطرح إشكال موضعتها، والذي يمكن أن نتساءل بصدده عن إمكانية جعل الظاهرة الإنسانية موضوعا قابلا للدراسة العلمية الدقيقة، كما يطرح إشكال المنهج المعتمد في دراستها. هكذا نجد بعض العلماء الذين انبهروا بالنتائج التي حققتها العلوم الطبيعية، مما دفعهم إلى محاولة تطبيق مناهجها على الظواهر الإنسانية، كما نجد علماء آخرين حاولوا ابتكار مناهج تلائم الظاهرة الإنسانية، وتختلف عن المناهج المعتمدة في علوم الطبيعة. فالفريق الأول، متمثلا في النزعة الوضعية أساسا، حاول تطبيق منهج التفسير الموضوعي المستلهم من العلوم التجريبية، بينما اعترض الفريق الثاني على إمكانية تطبيق منهج التفسير على الظاهرة الإنسانية واقترح منهجا آخرا يناسب خصوصيتها هو منهج الفهم.[/rtl]

[rtl]انطلاقا من كل هذا يمكن الحديث عن إشكالين رئيسيين في هذا الدرس هما:[/rtl]

[rtl]-     إشكال موضعة الظاهرة الإنسانية: والذي يطرح مدى إمكانية عزل الموضوع عن الذات في مجال الظواهر الإنسانية، ومدى قابلية هذه الأخيرة لكي تصبح موضوعا للدراسة العلمية الموضوعية الدقيقة.[/rtl]

[rtl]-     وإشكال المنهج في العلوم الإنسانية: ويتعلق بالبحث عن المنهج المناسب الذي يجب اعتماده في دراسة الظاهرة الإنسانية؛ فهل يتمثل هذا المنهج تفسيرها أم فهمها ؟ هل هو منهج التفسير أم منهج الفهم ؟ وهل يمكن اتخاذ منهج التفسير السائد في العلوم التجريبية كنموذج للاستلهام والتطبيق في مجال العلوم الإنسانية أم يجب ابتكار مناهج تلائم طبيعة الظواهر الإنسانية ؟[/rtl]

[rtl]-[/rtl]

[rtl]المحور الأول: موضعة الظاهرة الإنسانية:[/rtl]

[rtl]· طرح الإشكال:[/rtl]

[rtl]حينما نتحدث عن موضعة الظاهرة الإنسانية فإن الأمر يتعلق بطموح يتمثل في محاولة جعلها موضوعا قابلا للدراسة العلمية الموضوعية، وحيث أن الموضوع في العلوم الإنسانية هو الذات نفسها؛ أي أن الذات الدارسة هي الموضوع المدروس أو على الأقل هناك تداخل بينهما، فإن مسألة الموضعة الخاصة بالظاهرة الإنسانية تطرح عدة صعوبات وعوائق؛ فهل يمكن عزل هذه الظاهرة عن الذات والتعامل معها كموضوع قابل للدراسة العلمية الدقيقة؟ وما هي الإجراءات والشروط الكفيلة بموضعة الظاهرة الإنسانية ؟ ومهل يمكن الحديث عن عوائق تعترض عملية الموضعة هذه ؟[/rtl]

[rtl]1- إمكانية موضعة الظاهرة الإنسانية:[/rtl]

[rtl]لقد ارتبط طموح الوصول إلى العلمية في العلوم الإنسانية  بسعي الاتجاه الوضعي إلى موضعة الظاهرة الإنسانية وتطبيق منهاج العلوم التجريبية عليها. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى السوسيولوجي الفرنسي إميل دوركايم E.Durkeim الذي دعا إلى التعامل مع الظواهر الاجتماعية كأشياء، وهذا ما يسمى بتشييء الظاهرة الإنسانية أي إفراغها من محتوى الوعي، خصوصا وأن عالما أنثروبولوجيا مثل كلود ليفي ستراوس يعتبر بأن الوعي عدو العلم.[/rtl]

[rtl]هكذا فقد حاول دوركايم موضعة الظاهرة الإنسانية وفصلها عن الذات الدارسة، سعيا منه إلى تفسيرها تفسيرا موضوعيا عن طريق استبعاد العوامل الذاتية والتركيز فقط على العوامل الموضوعية والواقعية القابلة للملاحظة والقياس والتعميم. ولهذا فالظاهرة الاجتماعية حسب دوركايم تتميز بخاصية الخارجية؛ أي أنها توجد خارج الذات ويمكن ملاحظتها مثل أي موضوع آخر، وهذا ما يسمح بتحقيق العلمية والموضوعية المطلوبة في دراسة الظاهرة الاجتماعية. كما تتميز هذه الأخيرة بصفة القهر والإلزام؛ أي أنها توجد خارج وعي الأفراد وتمارس عليهم إكراها ولا دخل لهم في إحداثها، وهذا ما يمكن من موضعتها وتفسيرها انطلاقا من عوامل موضوعية خارجية في استبعاد كلي لأية عوامل ذاتية وباطنية.[/rtl]

[rtl]لقد استبعدت النزعة الوضعية مع دوركايم إذن منهج الاستبطان، وحاولت كنزعة علموية تجريبية الاقتداء بمناهج العلوم الطبيعية، مما جعلها تدعو إلى موضعة الظاهرة الاجتماعية مثلما يموضع علماء الطبيعة موضوعاتهم. لكن ألا يمكن القول بأن طموح الموضعة في العلوم الإنسانية صعب المنال نظرا لاختلاف الظاهرة الإنسانية عن الظاهرة الطبيعية ؟[/rtl]

[rtl]2- عوائق الموضعة في العلوم الإنسانية:[/rtl]

[rtl]لقد اعتبر عالم النفس جون بياجي j.Piaget أن العلوم الإنسانية لا زالت في بدايتها، وان طموح الموضعة لا زال لم يتحقق بعد، وهذا ما يتوجب على الباحثين والعلماء في مجال العلوم الإنسانية بذل مجهودات مضاعفة قصد تطوير أدواتهم ومناهجهم قصد تحقيق الدقة والعلمية المنشودة.[/rtl]

[rtl]غير أن موضعة الظاهرة الإنسانية تطرح حسب جون بياجي عدة عوائق يمكن تقديمها كما يلي:[/rtl]

[rtl]- عدم تشابه الظاهرة الإنسانية مع الظاهرة الطبيعية؛ إذ أنها ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد وفريدة من نوعها.[/rtl]

[rtl]- يتأثر الباحث في العلوم الإنسانية بالموضوع الذي يدرسه لأنه جزء منه، ويصعب عليه أن يدرسه بحياد ونزاهة وموضوعية.[/rtl]

[rtl]- كما قد يؤثر الباحث في الظاهرة الإنسانية؛ فيغير من طبيعتها ويفهمها فهما خاصا، مما يجعل النتائج تختلف من باحث لآخر ويجعل إمكانية التعميم متعذرة.[/rtl]

[rtl]- يتداخل الموضوع في العلوم الإنسانية مع الذات ويصعب الفصل بينهما، وهذا بخلاف العلوم الطبيعية التي يمكن فيها فصل الذات عن الموضوع.[/rtl]

[rtl]- يتمركز الباحث في العلوم الإنسانية حول ذاته؛ أي أنه يقدم رؤيته للظاهرة الإنسانية المدروسة انطلاقا مما يحمله في ذاته من مشاعر وأفكار ومعتقدات ترتبط بالتزامه بمواقف فلسفية أو مذاهب إيديولوجية أو عقائدية. وهذا ما يجعل الباحث يسقط  تصوراته الذاتية على الظاهرة ويجعل تحقيق الموضوعية مسألة غاية في الصعوبة.[/rtl]

[rtl]- إن انخراط الذات في الموضوع يجعلها تعتقد في نوع من المعرفة الحدسية  بالموضوع، وهذا مخالف للمناهج والتقنيات العلمية التي من شأنها أن تحقق الموضوعية المتوخاة.[/rtl]

[rtl]هكذا بين جون بياجي كيف أن الذات الملاحظة في العلوم الإنسانية تكون جزءا من الظاهرة التي تدرسها. وهذا ما يطرح مشكل تداخل الذات مع الموضوع ويحول دون إمكانية موضعة الظاهرة الإنسانية.[/rtl]

[rtl]وصعوبة موضعة الظاهرة الإنسانية تطرح إشكالا آخرا يرتبط بمنهج دراستها. ونحن نجد أن أنصار الموضعة من الوضعيين  يسعون إلى محاولة تفسيرها بإرجاعها إلى عوامل موضوعية، في حين نجد معارضيهم يتهمونهم بإغفال العوامل الذاتية وهي العوامل التي تتطلب تفهما حقيقيا للظاهرة الإنسانية من أجل النفاذ إلى أسبابها الباطنية.[/rtl]

[rtl]المحور الثاني: نموذجية العلوم الإنسانية: التفسير والفهم:[/rtl]

[rtl]· طرح الإشكال:[/rtl]

[rtl]إذا كان المحور الأول يتناول موضوع العلوم الإنسانية وإشكال موضعته، فإن هذا المحور الثاني يتناول مسألة ميتودولوجية تتعلق بمنهج دراسة ذلك الموضوع. فبأي منهج يمكن للعلوم الإنسانية أن تتناول موضوعها ؟ وإذا كان موضوعها هو الظاهرة الإنسانية، وهي ظاهرة فريدة ومتميزة عن الظاهرة الطبيعية، فهل يمكن للعلوم الإنسانية أن تدرس موضوعها باستلهام منهج التفسير السائد في العلوم التجريبية أم أنها مطالبة بابتكار منهج يلائم خصوصية الظاهرة الإنسانية ؟ وهل المنهج الملائم للظاهرة الإنسانية هو منهج التفسير أم منهج الفهم ؟ وما هي المرتكزات والخصائص التي تميز كلا المنهجين ؟[/rtl]

[rtl]1- منهج التفسير:[/rtl]

[rtl]إن التفسير هو المنهج المفضل في العلوم التجريبية، وهو يتجلى في الكشف عن العلاقات الثابتة التي توجد بين الحوادث والوقائع واستنتاج أن الظواهر المدروسة تنشأ عنها. وقد حققت العلوم الطبيعية نتائج باهرة باعتمادها على منهج التفسير العلمي الذي يرتكز على تقنيات منهجية كالملاحظة والقياس والتجريب، كما يسمح بتكميم النتائج وتعميمها. ولهذا السبب فقد حاولت النزعة الوضعية في مجال العلوم الإنسانية استلهام منهج التفسير من العلوم التجريبية واعتماده كنموذج للتطبيق في مجال الظواهر الإنسانية، رغبة منها في تحقيق الدقة والموضوعية والابتعاد ما أمكن عن التفسير الميتافيزيقي والمنهج التأملي الذي كان معتمدا في الفلسفة.[/rtl]

[rtl]وفي هذا الإطار نجد إميل دوركايم، كأحد ممثلي الاتجاه الوضعي في علم الاجتماع، يعتمد منهج التفسير الموضوعي في دراسته للظواهر الاجتماعية، وذلك بأن دعا إلى تشييئها والتعامل معها كمجرد أشياء خارجية، والعمل على موضعتها وفصلها عن الذات الدارسة.[/rtl]

[rtl]هكذا فقد رفض دوركايم اعتماد منهج الاستبطان والتأمل في دراسة الظواهر الاجتماعية، واعتمد بالمقابل على منهج التفسير الموضوعي الذي بموجبه يتم ربط الظواهر الاجتماعية بأسباب وعوامل موضوعية هي السبب في حدوثها، وهي عوامل واقعية قابلة للملاحظة والقياس والتعميم.[/rtl]

[rtl]ويمكن تقديم ظاهرة الانتحار كمثال لظاهرة سوسيولوجية طبق عليها دوركايم منهج التفسير الموضوعي؛ حيث قام دوركايم بدراسة هذه الظاهرة في مجموعة من الدول الأوروبية ، وانتهى إلى أنها تتحدد بعوامل موضوعية تتمثل أساسا في التماسك الديني والتماسك السياسي والتماسك الأسري ، إذ أن ارتفاع عدد المنتحرين أو انخفاضهم يتحدد بحسب قوة أو ضعف هذا التماسك.[/rtl]

[rtl]هكذا استبعد دوركايم العوامل الذاتية والباطنية في تفسير الظاهرة الاجتماعية، وذلك لصالح العوامل الموضوعية والظاهرة القابلة للملاحظة والقياس.[/rtl]

[rtl]ويمكن الإشارة هنا أيضا إلى المدرسة السلوكية في علم النفس، إذ أنها هي الأخرى استبعدت منهج الاستبطان الذاتي وتبنت تفسيرا موضوعيا للسلوك الإنساني، يتمثل في رصد العلاقات الموجودة بين المثيرات والاستجابات والكشف عن القوانين التي تحكمها، وهي قوانين يتم التوصل إليها باعتماد تقنيات القياس والملاحظة وتكرار التجارب في محاولة للوصول إلى الموضوعية و الدقة العلمية في دراسة السلوك البشري.[/rtl]

[rtl]لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا  هو:[/rtl]

[rtl]ألا يؤدي تشييئ الظواهر الإنسانية، سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو غير ذلك، إلى إفقارها وإفراغها من محتواها الحقيقي ؟ أو ليس لهذه الظواهر أسباب باطنية وذاتية مثلما أن لها أسباب خارجية وموضوعية ؟ ألسنا في حاجة إلى تفهم الظواهر الإنسانية بذل الاكتفاء بتفسيرها ؟[/rtl]

[rtl]2- منهج الفهم:[/rtl]

[rtl]نظرا لخصوصية الظاهرة الإنسانية وتعقدها فقد واجه منهج التفسير عدة عوائق في محاولته لدراستها والإحاطة بها. ومن أهم هذه العوائق هو وجود أسباب باطنية وذاتية ترجع إلى محتوى الوعي، تكون هي المحدد الأساسي لبعض الظواهر الإنسانية إضافة إلى العوامل الموضوعية. وإذا كان منهج التفسير يسمح برصد المحددات الموضوعية، فإن المحددات والعوامل الذاتية تحتاج إلى منهج آخر مغاير هو الذي يسمى بمنهج الفهم أو المنهج التفهمي. وهذا ما يتجلى في عبارة ديلتايDilthey الشهيرة: « إننا نفسر الطبيعة، لكننا نفهم ظواهر الروح ». فإذا كان الموضوع في العلوم الطبيعية ماديا ومعزولا عن الذات، فإن الموضوع في العلوم الإنسانية مرتبط بالذات وجزء لا يتجزأ منها. ولهذا يبدو أنه لا يمكن تفسير الظواهر النفسية وإجراء التجربة عليها، بل لا بد من تفهمها عن طريق منهج الفهم الذي يعتمد الحدس والاستبطان والتأويل …[/rtl]

[rtl]والفهم حسب السوسيولوجي الفرنسي جول مونروJules Monnrot « هو إدراك لدلالة معيشية تعطانا كتجربة بديهية ». ومن هنا فهدف المنهج التفهمي هو إدراك دلالات الأفعال عن طريق ربطها بالمقاصد والنوايا الذاتية لأصحابها والفاعلين لها، ولذلك فهو منهج يعتمد حسب مونرو على البداهة والحدس؛ فنحن نفهم بعض الحوادث بالبداهة كأن ندرك أن الشخص يكون غاضبا حينما يتم الاعتداء عليه، أو أن نتبين رفضه من خلال قسماته الجسدية. فما يكون بديهيا يكون واضحا ويحتم إدراكه بشكل مباشر، دون الحاجة إلى تفسيره بالاعتماد على طرائق وإجراءات موضوعية.[/rtl]

[rtl]إن فعل الفهم حسب مونرو هو فعل معفي مباشر، إنه رؤية نافذة تدرك الظاهرة الإنسانية كظاهرة وجودية ووجدانية يتعين تفهمها والكشف عن المعاني والدلالات التي نستخلصها منها على نحو مباشر، دون الاعتماد على أية استدلالات أو تجارب استقرائية من شأنها أن تضعف الظاهرة وتعمل على تقويضها.[/rtl]

[rtl]وفي نفس السياق، تبنى ماكس فيبر Max Weber منهجا تفهميا في دراساته السوسيولوجية، حيث بين أن الترابطات والانتظامات المميزة للسلوك البشري تقبل فقط أن تكون موضوع تأويل تفهمي. فالسلوك الإنساني يتميز حسب السوسيولوجيا التفهمية عند ماكس فيبر بمقاصد ودلالات ذاتية يتعين إدراكها لدى الفاعل المعني من جهة، كما يتميز بخاصية البينذاتية نظرا لارتباطه بسلوك الغير من جهة أخرى. ولهذا لا يمكن معرفته كسلوك إلا بطريقة تفهمية تكشف عن الدلالات والمعاني المقصودة ذاتيا من طرف الفاعل.[/rtl]

[rtl]إن منهج الفهم يعتمد على التأويل ، ولذلك فهو يفرض نفسه كثيرا في مجال علم النفس التحليلي إذ تتطلب الظواهر النفسية التي يدرسها ، كالهستيريا والقلق والأحلام مثلا، تأويلا للعلامات والرموز التي تميزها من أجل الكشف عن دلالاتها ومعانيها الباطنية والحقيقية. كما يتطلب الأمر أحيانا ضربا من التعاطف الذي ينبغي أن يقيمه المحلل النفسي مع مريضه لكي يتفهم مشاكله النفسية وينفذ إلى أعماقها.[/rtl]
هكذا يمكن القول مع غاستون غرانجي Gaston Grangerأن فعل العقل في الظواهر الإنسانية يتراوح بين منهجين أساسيين هما: التفسير الذي يستهدف الكشف عن العلاقات الثابتة التي تربط بين الوقائع الإنسانية، والفهم الذي يرمي إلى حدس الإحساس وتأويل الفعل الإنساني للكشف عن معانيه ودلالاته. ولهذا يبدو أنهما منهجان متكاملان لا يمكن الاقتصار على أحدهما دون الآخر في دراسة الظواهر الإنسانية. والرهان الصعب يتمثل في كيفية المزاوجة بينهما على نحو فعال يمكن من فهم حقيقي للظاهرة الإنسانية في أبعادها المختلفة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:33 am

العنف
تقديم المفهوم: 
[rtl]  يبدو أن مظاهر العنف كثيرة، فهو يمارس بأشكال متنوعة. هناك العنف الفزيائي من ذلك مثلا القتل و الاغتيال، لكن هناك العنف السيكولوجي أو الأخلاقي، مثل التعذيب عن طريق العزل. كما يوجد العنف الاقتصادي من خلال استغلال الطبقات أو البلدان الضعيفة. مثلما، أن هناك عنف الأنظمة التوتاليتارية ذو الأهداف السياسية و عنف العنصرية... إلخ و اللائحة طويلة إلى درجة تدفع إلى إثارة السؤال عما إذا كان هذا التعدد في صور العنف و أشكاله يعبر عن واقع ثابت أم أن استعمال مفهوم وحيد لا يعكس الإختلافات بين مظاهره ليس من الناحية الكمية فحسب. و إنما أيضا الجوهرية. إنه يوجد في كل مكان. و يمكن استعماله كموضوع للبروباغندا و إلا كعنصر من عناصر تاكتيك للوصول إلى السلطة و المحافظة عليها. إذا أدى العنف إلى تدمير الوجود برمته أو جزء منه، فإن العنف المنجز قد يكون أداة في خدمة مشروع يمكن ألا يكون عقلانيا، لكن شروط استعماله تبدو قابلة للعقلنة.[/rtl]
[rtl]يمكن أن نسلم بصفة أولية أن العنف يوجد كلما كان هناك إلحاق للأذى بالغير بصفة جسدية أو نفسية، سواء أخذنا الغير كفرد أم كجماعة أو مجموعة بشرية.[/rtl]
[rtl]إذا اعتبرنا هذا التعريف جيدا يجب أن نتصور العنف كواقعة تارخية  و يتحدد بإعتباره كمحرك أو دينامو للتاريخ من وجهة نظر معينة،  و يقوم على استخدام القوة بشكل غير مشروع لسبب من الأسباب. فكيف يمكن مراقبة العنف و التحكم فيه إذا كان يجب أن نبدأ بقبول حضوره الجذري في الإنسان؟[/rtl]
[rtl]لقد أنتجت البشرية على مدى التاريخ آليات و وسائل للحد من العنف حيث يعتبر الدين و الثقافة كعنصرين كابحين للعنف بشكل معنوي و أخلاقي، على أن أهم تقنية للتحكم في العنف تتمثل في التنظيم السياسي للمجتمع ينبني فيه هذا الأخير في صورة مؤسسات حديثة تجتث العنف و تجعل استخدامه حكرا على جهاز الدولة. و في هذا السياق تبرز الديموقراطية كنظام يتطلع إلى القضاء على العنف و تدبير الخلافات و الصراعات السياسية بكيفية حضارية تقوم على قوة القانون و ليس على قانون القوة: فإلى أي حد نجحت الدولة الحديثة في القضاء على العنف؟ و هل من حق الفرد أو الجماعة ممارسة العنف من أجل فرض ما يعتقد أنه حق و عدل و خير؟[/rtl]
[rtl]المحور الأول:[/rtl]
[rtl]أشكال العنف:       ما طبيعة العنف؟[/rtl]
[rtl]أفرز التاريخ البشري أشكالا متعددة من العنف، يمكن أن نميز ضمنهما بين نوعين، هما: العنف الجسدي و العنف الرمزي. كلاهما يمارس بطرق و وسائل متعددة تتطور باستمرار بقدر تطور العلم و التقنية. و ليس بديهيا أن تكون هذه الأشكال دائما ظاهرة، ذلك  أن العنف يتحقق أيضا من خلال أشكال متخفية مثلما هو الأمر في << نقص التغذية>> كما يشير إلى ذلك الفيلسوف الفرنسي إيف ميشو. يرى هذا الأخير أن إنتاج وسائل العنف يشمل << وسائل التسليح الفردي كما يشمل وسائل التخريب الجماعي>>.[/rtl]
[rtl]و بما أن هذه الوسائل أصبحت في متناول الكل: أفرادا، جماعات، دولا، فإن العنف يصير أكثر فتكا. كما أنه أضحى أكثر اتصالا بالإعلام، على اعتبار أن هذا الأخير يسخره عن طريق نشره أو السكوت عنه. و يخلص هذا الفيلسوف إلى أن << تطبيق التقدم التقني  و العلمي على استعمال العنف و على كيفية تدبيره يمكننا من فهم.[/rtl]
[rtl]أ- الفعالية المضاعفة التي تم التوصل إليها فيما يخص أشكال التحطيم و التخريب . فإبادة مجموعة بشرية ما. و إبادة مزروعات، و تهديد حياة الملايين من الناس تتطلب وسائل و تنظيما لم يسبق له مثيل.[/rtl]
[rtl]ب- من حيث إن العنف أصبح قابلا للحساب و التحكم فإنه يمكن أن يحقق مردودية حيث أصبح من الممكن فرض السيطرة بواسطة التعذيب و القمع و التهديد به>>. فهل معنى هذا أن العنف هو ما يشكل ماهية الإنسان؟ هل الإنسان كائن عنيف بطبعه؟ هل يوجد العنف في طبيعة الإنسان؟ هذا السؤال يطرح نفسه بالنظرإلى قدم الظاهرة و استمرارها عبر التاريخ البشري، و هو يتعلق بما إذا كان الإنسان شغوفا بالتدمير؟ من يجيب الفيلسوف و عالم الإجتماع و المحلل النفساني الألماني إيريك فروم عن هذا السؤال بالقول:<< إن دراسة بعض الظواهر الإجتماعية و الطقوس الشعائرية القديمة قد توحي بأن النزعة التدميرية لها جدورها النظرية في طبيعة الإنسان . إلا أن التحليل المعمق لدلالات هذه الظاهرة ، يثبت أن كل الممارسات التي تؤدي إلى التدمير ليست ناتجة بالضرورة عن < شغف بالتدمير> . بالتالي فإن التدمير ليس سلوكا ينتج بصفة عملية عن غريزة تدميرية توجد في طبيعة الإنسان بقدر ما ينتج  عن دوافع ونزعات ليس من الضروري أن تكون طبيعية وذات علاقة بالممارسات والشعائر الطقوسية الدينية . يترتب عن ذلك أن الطبيعة البشرية ليست هي التي تولد العنف وإنما هناك < طاقة تدميرية كامنة تغديها بعض الظروف الخارجية والأحداث المفاجئة هي التي تدفع به إلى الظهور> .[/rtl]
[rtl]وأما المقصود بالعنف الرمزي فهو مختلف أشكال العنف غير الفيزيائي القائمة على الحاق الأذى بالغير بواسطة الكلام أو اللغة أو التربية أو العنف الذهني ، وهو يقوم على جعل المتلقي يتقبل هذا العنف <<اللطيف>> مثال ذلك العنف الرمزي الذي تقوم به الإديولوجيا من حيث هو عنف لطيف وغير محسوس . يعرف عالم الإجتماع الفرنسي المعاصر بيير بورديو هذا الشكل من العنف بالقول أنه هو ذلك الذي < يمارس على فاعل اجتماعي ما بموافقته > وبلغة أخرى < فإن الفاعلين الإجتماعيين يعرفون الإكراهات المسلطة عليهم وهم حتى في الحالات التي يكنون فيها خاضعين لحتميات يساهمون في إنتاج المفعول الذي يمارس عليهم نوعا من التحديد و الإكراه> و بالنظر إلى أن هذا العنف رمزي فإنه يمارس بوسائل رمزية، أي التواصل و تلقين المعرفة.[/rtl]
[rtl]المحور الثاني:[/rtl]
[rtl]  العنف في التاريخ:          كيف يتولد العنف في التاريخ البشري؟[/rtl]
[rtl] يتحدد وجود كل مجتمع بشري – حسب ماركس- بوجود صراع بين طبقتين اجتماعيتين، الأولى تمتلك وسائل الإنتاج و الأرض و الثانية لا تمتلكها.[/rtl]
[rtl]و ذلك منذ أقدم المجتمعات البشرية و أكثرها بدائية إلى المجتمعات الرأسمالية المتطورة . و هكذا ، فإن صراع الطبقات الإجتماعية يمكن أن يتخذ أشكالا فردية لا واعية عند الأفراد أنفسهم، كما قد يتخذ طابع صراع نقابي أو سياسي أو إيديولوجي واضح المعالم.[/rtl]
[rtl]كتب الفيلسوف الألماني كارل ماركس في هذا السياق السابق: <<نلاحظ أنه منذ العصور التاريخية الأولى كان المجتمع في كل مكان مقسما إلى طبقات متمايزة ... ففي روما القديمة كان هناك سادة و فرسان، وأقنان و عبيد، و في العصور الوسطى كان هناك سادة و شرفاء، و سادة الحرف، و الحرفيون العاديون و أقنان، كما أن هناك داخل كل طبقة من هذه الطبقات سلم تراتبي خاص>> و قد أصبح الصراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي بين البرجوازية و البروليتاريا.[/rtl]
[rtl]و بالمقابل يرى المفكر الفرنسي روني جرار أن أساس العنف هو تنافس الرغبات ، و ذلك أن الرغبات الإنسانية تخضع لقانون المحاكاة،أي كرغبات في ما يرغب به الأخرون،<<كلما كانت رغبة الأخرين  (في شـيء ما) قوية و شديدة كانت رغبتي أنا أيضا قوية و شديدة (فيه). ينتج عن ذلك احتمال اندلاع العنف.[/rtl]
[rtl]وهكذا فإن الصراع الإنساني يتولد عن صراع أو تنافس بين الرغبات. و إذا صح أن الرغبات تتشكل و تتطور من خلال المحاكاة، فإن العنف سيكون معديا من خلال انتشاره في الجماعة من فرد إلى أخر. و دواء هذا المرض المعدي هو القتل.[/rtl]
[rtl]و  هذا الطرح يرجع بنا إلى تصور الفيلسوف الأنجليزي الحديث طوماس هوبز حول جذور العنف الذي يعتقد فيه أن مصدر هذا الاخير  ثلاثي، و يتمثل في: التنافس، الحذر ، الكبرياء، و هي أسباب توجد في الطبيعة الإنسانية. الأول يجعل الهجوم وسيلة لتحقيق((المنفعة))، الثاني وسيلة ((للأمن)) و الثالث وسيلة لحماية ((السمعة)).[/rtl]
[rtl]على أن العنف له صلة أيضا بالتقديس و بالحقيقة، فهو يشكل إلى جانبهما << الأركان الثلاثة لكل تراث مشكّل و مشكّل للكينونة الجماعية>> كما سماها المفكر العربي محمد أركون الذي يشرح هذه العلاقة على نحو ما يلي:<< الجماعة مستعدة دوما للعنف من أجل الدفاع عن حقيقتها المقدسة. الإنسان بحاجة إلى عنف، و تقديس، و إلى حقيقة لكي يعيش و لكي يجد له معنى على الأرض. العنف مرتبط بالتقديس و التقديس مرتبط بالعنف و كلاهما مرتبطان بالحقيقة أو ما يعتقد أنه الحقيقة. و الحقيقة مقدسة و تستحق بالنسبة لأصحابها، أن يسفك من أجلها دم >>.[/rtl]
[rtl] المحور الثالث:[/rtl]
[rtl] العنف و المشروعية:   هل يمكن الإقرار بمشروعية العنف من زاوية الحق و القانون و العدالة؟[/rtl]
[rtl]يرى عالم الإجتماع الألماني ماكس فيبر أن جوهر السلطة هو ممارسة العنف، و أنها وحدها تملك الحق و المشروعية في استعماله. من أين ينبع هذا الحق أو المشروعية؟ إنهما يرتدان إلى التعاقد الإجتماعي الذي بموجبه يتنازل الشعب للدولة عن حق استعمال العنف على أساس  نظام سياسي حديث يتميز بتقسيم السلط و مراقبتها لبعضها و بإجراء انتخبات بصورة منتظمة من أجل تشكيل هذه السلطة. و بالتالي يصبح العنف مرتبطا بالدولة الديموقراطية الحديثة  التي تضبط العنف و تحتكر استعماله. و يستشهد م.فيبر في هذا الصدد بقولة تروتسكي : << الدولة هي كل جهاز(حكم) مؤسس على العنف>> و هذه هي ميزة عصرنا الحالي، بحيث أنه لا يحق لأي كان استعمال العنف إلا عندما تسمح الدولة بذلك . فهذه الأخيرة << تقوم على أساس استعمال العنف المشروع >> و ستكون السياسة هي ((مجموع الجهود المبذولة من أجل المشاركة في السلطة أو من أجل التأثير على توزيع السلطة)).[/rtl]
[rtl]لكن هل استخدام العنف حق مشروع لكل أشكال الدولة بما فيها الدولة الاستبدادية أم هو حق فقط للدولة القائمة على أساس ديموقراطي حديث؟[/rtl]
الإجابة عن هذا السؤال بالقول: إن عنف الدولة لا يكون مشروعا إلا عندما تكون هذه الدولة قائمة على أساس مشروع أي على التمثيلية، الإنتخابات، الحريات العامة، التعدديةالسياسية، و تداول السلط، و فصل السلطة. لكن يفترض هنا ان العنف هو الوسيلة الوحيدة للقضاء على العنف أي مواجهة القوة بالقوة. و ضد هذه الفكرة يطرح غاندي ((المفكر)) و الزعيم الهندي الشهير أن العنف رذيلة، و إذا كان العنف قانونا حيوانيا، فإن اللاعنف هو القانون الذي يحكم البشر. و يعرف هذا الأخير على نحو ما يليSad(الغياب التام للإرادة السيئة تجاه كل ما يحيى)) إنسانا كان أم حيوانا أم نباتا، << هو إرادة طيبة تجاه كل ما يحيى>> الصداقة ستكون حلا لمشكلة العنف، إذا أصبحت عامة بين الأفراد و الأمم. و ذلك ليس فيه تخلّ عن الصراع الإنساني، بل على العكس من ذلك فاللاعنف مناهض للشر لكن بوسائل الخير. إن القوة الحقيقية بهذا المعنى هي قوة الروح التي تستطيع أن تنجح في جعل اللاعنف ينتصر على العنف و السلام على الحرب و القوة الروحية على القوة الفزيائية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:35 am

 الحرية


مــقـدمــــة:

مما لامناص منه أن مفهوم الحرية من المفاهيم الفلسفية الأكثر جمالية ووجدانية، فلهذا السبب اتخذت دائما شعارا للحركات التحررية والثورية ومختلف المنظمات الحقوقية في العالم، باعتبارها قيمة إنسانية سامية تنطوي على مسوغات أخلاقية واجتماعية وأخرى وجدانية وجمالية. إلا أنها تعد من المفاهيم الفلسفية الأكثر جدلا واستشكالا.

فقد طُرحت الحرية بالقياس دوما إلى محددات خارجية؛حيث كانت مسألة الحرية تطرح في الفكر القديم قياسا إلى القدرة والمشيئة الإلهية واليوم تُطرح قياسا إلى العلم الحديث بشقيه ،سواء علوم الطبيعة أم الإنسان.

فماذا تعني الحرية:هل الحرية أن نفعل كل ما نرغب فيه؟أم أنها محدودة بحدود حرية الآخرين؟وبناء على ذلك أين يمكننا أن نموقع الذات الإنسانية؟ هل هي ذات تمتلك حرية الاختيار وبالتالي القدرة على تحديد المصير؟ أم أنها ذات لها امتدادات طبيعية خاضعة لحتميات متعددة؟ ثم هل الحرية انفلات من رقابة القانون وأحكامه؟ أم أنها رهينته؟

1. الحرية والحتمية:

إذا كانت الحرية تتحدد بقدرة الفرد على الفعل والاختيار،فهل ستكون هذه الحرية مطلقة أم نسبية؟وهل ثمة حتميات وضرورات تحد من تحقيق الإرادة الحرة لدى الإنسان؟

يرى سبينوزا، أن الحرية، أو بالأحرى الشعور بالحرية مجرد خطأ ناشئ مما في غير المطابقة من نقص وغموض؛ فالناس يعتقدون أنهم أحرار لأنهم يجهلون العلل التي تدفعهم إلى أفعالهم، كما يظن الطفل الخائف انه حر في أن يهرب، ويظن السكران انه يصدر عن حرية تامة، فإذا ما تاب إلى رشده عرف خطأه. مضيفا أنه لو كان الحجر يفكر، لاعتقد بدوره أنه إنما يسقط إلى الأرض بإرادة حرة. وبذلك تكون الحرية الإنسانية خاضعة لمنطق الأسباب والمسببات الذي ليس سوى منطق الحتمية. 

أما كانط فينطلق في معرض بحثه لمفهوم الحرية،من فكرة تبدو له من المسلمات والبديهيات، مفادها أن الحرية خاصية الموجودات العاقلة بالإجمال؛ لأن هذه الموجودات لا تعمل إلا مع فكرة الحرية. غير أن أي محاولة من العقل لتفسير إمكان الحرية تبوء بالفشل، على اعتبار أنها معارضة لطبيعة العقل من حيث أن علمنا محصور في نطاق العالم المحسوس وأن الشعور الباطن لا يدرك سوى ظواهر معينة بسوابقها، وهذه المحاولة معارضة لطبيعة الحرية نفسها من حيث أن تفسيرها يعني ردها إلى شروط وهي علية غير مشروطة. كما ينص كانط على التعامل مع الإنسان باعتباره غاية، لا باعتباره وسيلة، ذلك لأن ما يعتبر غاية في ذاته ، هو كل ما يستمد قيمته من ذاته، ويستمتع بالتالي بالاستقلال الذاتي الذي يعني استقلال الإرادة. يقتضي هذا المبدأ بان يختار كل فرد بحرية الأهداف والغايات التي يريد تحقيقها بعيدا عن قانون التسلسل العلي الذي يتحكم في الظواهر الطبيعية.

في حين يرى كارل بوبر ضرورة إدخال مفهوم الحرية إلى دائرة النقاشات العلمية ،وخلصها من التصورات الحتمية.فالعالم الفيزيائي حسبه مفتوح على إمكانيات إنسانية عديدة ،وهي إمكانيات حرة تتميز بالإبداع والابتكار. فالأفعال والأحداث ليست من محض الصدفة، وإنما نابعة من الإرادة الحرة للفرد الذي يعيش وسط العوالم الثلاثة. 

غير أن سارتر يعتبر أن الحرية لا تتحدد فقط في الاختيار،وإنما في انجاز في انجاز الفرد لمشروعه الوجودي ،مادام أنه ذاتا مستقاة تفعل وتتفاعل،أما الإحساسات والقرارات التي يتخذها ،فهي ليست أسبابا آلية ومستقلة عن ذواتنا،ولا يمكن اعتبارها أشياء وإنما نابعة من مسؤوليتنا وقدرتنا وإمكانيتنا على الفعل.

2. حرية الإرادة:

إذا كانت الحرية نابعة من قدرة الفرد على الاختيار والفعل فان الهدف الأساسي لها يتجلى أساسا في تحصيل المعرفة وبلوغ الحقيقة. يميز الفارابي بين الإرادة والاختيار:فالإرادة هي استعداد يتوفر على نزوع نحو الإحساس والتخيل،في الوقت ذاته يتميز الاختيار بالتريث والتعقل،ومجرد ما يحصل الإنسان المعقولات بتمييزه بين الخير والشر،فانه يدرك السعادة الفعلية وبالتالي يبلغ الكمال.

ولا يختلف اثنان في اعتبار سارتر فيلسوف الحرية بامتياز، وكيف لا وهو الذي نصب نفسه عدوا لذودا للجبريين. لقد بذل هذا الفيلسوف قصارى جهده للهبوط بالإنسان إلى المستوى البيولوجي المحض. فالحرية هي نسيج الوجود الإنساني،كما أنها الشرط الأول للعقل "إن الإنسان حر،قدر الإنسان أن يكون حرا ، محكوم على الإنسان لأنه لم يخلق نفسه وهو مع ذلك حر لأنه متى ألقي به في العالم، فإنه يكون مسؤولا عن كل ما يفعله". هكذا يتحكم الإنسان –حسب سارتر- في ذاته وهويته وحياته، في ضوء ما يختاره لنفسه بإرادته ووفقا لإمكاناته.

أما ديكارت فيعتبر الإرادة أكمل وأعظم ما يمتلك الإنسان لأنها تمنحه القدرة على فعل الشيء أو الامتناع عن فعله،فهي التي تخرجه من وضعية اللامبالاة وتدفعه إلى الانخراط في مجال الفعل والمعرفة والاختيار الحر.

أما نيتشه، فقد رفض الأحكام الأخلاقية النابعة من التعاليم المسيحية، معتبرا أنها سيئة وأنها أكدت، تأكيدا زائفا على الحب والشفقة والتعاطف، وأطاحت ،في المقابل، بالمثل والقيم اليونانية القديمة التي اعتبرها أكثر صدقا وأكثر تناسبا مع الإنسان الأرقىsuperman"". فهذه الأخلاق – بالمعنى الأول – مفسدة تماما للإنسان الحديث الذي يجب أن يكون "روحا حرة" ويثبت وجوده ويعتمد على نفسه ويستجيب لإرادته. فقد اعتبر بوجه عام أن الحقيقة القصوى للعالم هي الإرادة، ومثله الأعلى الأخلاقي والاجتماعي هو " الرجل الأوربي" الجيد، الموهوب بروح حرة، والذي يتحرى الحقيقة بلا ريب، ويكشف عن الخرافات والترهات.

3. الحرية والقانون:

إذا اعتبرنا أن الحرية مقترنة بالإرادة الحرة وبقدرة الفرد على التغلب على الاكراهات والحتميات ،فكيف يمكن الحد من الحرية المطلقة؟وما دور القانون في توفير الحرية وترشيد استعمالها؟ 

لما كان الإنسان قد ولد وله الحق الكامل في الحرية والتمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة ، في المساواة مع الآخرين ، فإن له بالطبيعة الحق، ليس في المحافظة على حريته فحسب، بل أيضا في أن يقاضي الآخرين، إن هم قاموا بخرق للقانون ومعاقبتهم بما يعتقد أن جريمتهم تستحقه من عقاب. من هذا المنطلق وُجد المجتمع السياسي، حيث تنازل كل فرد عن سلطته الطبيعية وسلمها إلى المجتمع في جميع الحالات التي لا ينكر عليه فيها حق الالتجاء إلى القانون الذي يضعه المجتمع لحمايته.

لا يعول توماس هوبز كثيرا على القانون، فهو يعتقد أن كينونة الحرية في الإنسان هي الدافع الأساسي لإعمال حريته وليس القانون، مضيفا أنه إذا لم يكن الإنسان حرا بحق وحقيقة، فليس هناك موضع للإدعاء بأن هذا الإنسان يمكنه أن يحظى بالحرية فقط عندما يكون تحت نظام قانوني معين... إذ تبقى الحرية عند هوبز نصا يمتلك معنى واسعا، ولكنه مشروط بعدم وجود موانع لإحراز ما يرغب فيه الإنسان، فالإرادة أو الرغبة لوحدها لا تكفي لإطلاق معنى الحرية. وهوبز كغيره من رواد الفكر السياسي الغربي، يؤمن بأن حرية الإنسان تنتهي عند حرية الآخرين، فقد رفض الحرية الزائدة غير المقيدة، إذ أكد بأن الحرية ليست الحرية الحقيقية لأنها خارجة عن السيطرة، بالأحرى سيكون الإنسان مستعبدا من خلال سيادة حالة من الخوف المطرد المستمر. وهكذا ستتعرض المصالح الشخصية الخاصة وحتى الحياة نفسها للرعب والذعر، من قبل الآخرين أثناء إعمالهم لحرياتهم. فالحرية المطلقة تقود إلى فقدان مطلق للحرية الحقيقية.

وفي نفس الاتجاه يذهب مونتسكيو حيث يرى أن الحرية تنطوي على العديد من المعاني والدلالات ،وتقترن بأشكال مختلفة من الممارسات السياسية .فالحرية في نظره ليست هي الإرادة المطلقة ، وإنما الحق في فعل يخوله القانون دون المساس بحرية الآخرين.

غير أن أردنت Arendtربطت الحرية بالحياة اليومية وبالمجال السياسي العمومي ذلك أن اعتبار الحرية حقا يشترك فيه جميع الناس، يفترض توفر نظام سياسي وقوانين ينظمان هذه الحرية، ويحددان مجال تعايش الحريات. أما الحديث عن حرية داخلية(ذاتية)، فهو حديث ملتبس وغير واضح. إن الحرية، حسب أرندت، مجالها الحقيقي والوحيد هو المجال السياسي، لما يوفره من إمكانات الفعل والكلام، والحرية بطبعها لا تمارس بشكل فعلي وملموس، إلا عندما يحتك الفرد بالآخرين، إن على مستوى التنقل أو التعبير أو غيرها، فتلك هي إذن الحرية الحقيقية والفعلية في اعتقادها. 

خاتمة:

يتضح لنا جليا من خلال ما سبق أن مفهوم الحرية مفهوم ملتبس، فكلما اعتقدنا أننا أحطنا بها، انفلت منا ، فقد تعددت النظريات من فلسفة لأخرى بل من فيلسوف لآخر فهناك من ميزها عن الإرادة الفارابي، وهناك من رأى أنها تحوي زخما كبيرا من الدلالات والمعاني مونتيسكيو ، وهناك كذلك من ربطها بالحياة اليومية ولم يعزلها عن حياتنا السياسية كما ذهبت إليه أرندت.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:37 am

التجربة و التجريب: 

الإشكال: هل للتجربة دور في بناء النظرية العلمية ؟

أطروحة النص : يؤكد CUVILLIERمن خلال مجموعة من الأمثلة دور التجربة العلمية أو التجربة في تأسيس النظرية العلمية حيث ينطلق العالم من ملاحظة الظواهر الطبيعية الفيزيائية ليضع فرضيات يخضعها إلى التجريب للتأكد من مدى صلاحيتها و صحتها ليخلص إلى قوانين علمية يعممها على جميع الظواهر المتشابهة و بذلك فالتجربة العلمية هي منطلق النظرية و منتهاها ، لكن ما هو الفرق بين التجربة بصفة عامة و التجربة العلمية.

جواب:يؤكد كوبري بين مفهوم التجربة بصفة عامة باعتبارها مجموع التعلمات و الخبرات التي يكتسبها الفرد من الحياة و تتميز بالعمومية و النفعية و الذاتية و المباشرة و يخضع لملاحظة عامة غير دقيقة عفوية و يعتبرها عائقا أمام العالم في رفض الأديان و بين التجريب و التجربة العلمية التي هي إعادة بناء ظاهرة معينة وفق شروط محددة يصنعها العالم ذاخل مجال مختبر في زمان و مكان محدد متحكم فيه يتيح للعالم مراقبة الظاهرة بشكل دقيق و تسجيل ملاحظته خلال مسارها انطلاقا من توجيه عقلي محدد علمي .

فما هي إذن أهم الخطوات للمنهج التجريبي؟

نص : روني طوم:

الإشكال الذي يجيب عنه النص:ما هي الخطوات الإجرائية للمنهج التجريبي و ما هي شروط الواقعة التجريبية كي تكون واقعة علمية؟

أطروحة النص: يعترض في البداية روني طوم على المنهج التجريبي في صورته الكلاسيكية الديكارتية ،و يقر بوجود وقائع أو ممارسة تجريبية تتطلب مجموعة من الإجراءات كي تكون علمية و هي : 

-عزل الظاهرة المدروسة عن مجالها الطبيعي و إعادة بنائها داخل مجال مختبري قد يكون واقعيا أو خياليا.

-إخضاع هذه الظاهرة للإختبار التجريبي بحيث تكون تحت مراقبة العالم .

-إحداث اختلال عن الظاهرة المدروسة وفق مصادر موجهة بعناية .

-تسجيل وتدوين استجابات الظاهرة المدروسة لهذا الخلل بواسطة أجهزة دقيقة، و لكي تكون الواقعة التجريبية علمية لابد من توفر شرطين اساسيين:

-قابليتها لإعادة بنائها و تكرارها في مجالات زمكانية مختلفة.

-أن تجيب هذه الواقعة التجريبية عن حاجات إنسانية نظريا أو تطبيقيا.

استنتاج:

إدا كان ARMEND CUVILLIER قد قدم مجموعة من الأمثلة ليؤكد العلاقة بين النظرية و التجريب العلمي ، و ليبين كيف أن العالم ينطلق من ملاحظة ظاهرة أو حادثة فيزيائية معينة ليضع افتراضا أو فرضية هي بمثابة تفسير مؤقت لهذه الظاهرة لينتقل بعد ذلك إلى إخضاعها لإختبار التجريبي من خلال توفير شروط و أجهزة علمية دقيقة و حين يعيد التجربة عدة مرات و تتأكد الفرضية ينتقل إلى استنتاج القانون العلمي فيعممه على جميع الظواهر المشابهة للظاهرة المدروسة، و في هذا الصدد يقول كلود برنار»إن الحادث )الظاهرة( يوحي بالفكرة و الفكرة تقود إلى التجربة، و التجربة تختبر الفكرة . « مما يجعل العلاقة بين النظرية و التجريب علاقة جدلية و يرى روني طوم المنهج التجريبي الكلاسيكي غير قائم الذات فهناك و إنما هناك وقائع تجريبية،ةتقتضي إجراءات محددة و هي : 

-عزل الظاهرة عن مجالها الطبيعي و إعادة بنائها داخل مجال مختبري و توفير شروط و أجهزة علمية دقيقة و تدوين جميع الملاحظات المتعلقة بالمسار التجريبي و حين تتأكد الفرضية من خلال تجارب متعددة في مجالات مختلفة تتحول إلى قانون علمي يصاغ صياغة رياضية، و يشترط في الواقعة التجريبية لكي تكون علمية أن تكون قابلة للتكرار و إعادة بنائها و أن تجيب عن حاجات إنسانية إما نظرية أو تطبيقية. إدا كانت التجربة هي معيار و مقياس صدق أو بطلان الفرضية فماهو دورالعقل في بنائها؟ هل للعقل دور في تأسيس النظريات ؟ أم أنها معطاة في الواقع التجريبي ؟

العقلانية العلمية :

ما هي خصائص العقلانية العلمية؟ ما هي حدودها ؟ 

نص : هانز رايشبانخ:

الإشكال الذي يجيب عنه النص: إلى أي حد تستطيع النزعة العقلانية ، المثالية و الحديثة بناء المعرفة العلمية؟ 

الاطروحة : ينتقد هانز رايشبانخ النزعة العقلانية المثالية و الحديثة لأنها تتعالى عن الملاحظة الحسية و التجريب، و تعتبر أن للعقل قوة خاصة تجعله قادرا على اكتشاف القوانين الفيزيائية العامة للعالم اعتمادا على الاستنباط و الحدس العقلي ، و يرى أن المعرفة العلمية لا يمكنها أن تستغني عن الملاحظة و التجريب مما يجعل النزعة العقلية اقرب إلى النزعة المثالية و التصوف منه إلى العلمية .

البنية الحجاجية : يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية الاثبات و التأكيد و الاتساق المنطقي.

نص : البير أنشاتين: 

الإشكال الذي يجيب عنه النص: ما هو أساس المعرفة العلمية هل هو الإختبار التجريبي أم البناء العقلي الرياضي أم هما معا؟

الأطروحة: ينطلق انشتاين من انتقاد التصوير الذي يعتبر التجربة مجرد ملاحظة للواقع و أن النظرية عبارة عن تأمل ذهني خالص، ليؤكد أنه لا وجود لنظرية علمية عقلية خالصة و لا وجود لتجربة علمية مستقلة عن العقل. فبناء النظرية العلمية يقتضي التجربة و الملاحظة و العقل معا لأن انغلاق النظرية على ذاتها يؤدي إلى فنائهما ، فالمفاهيم و المبادئ المكونة للنظرية العلمية يبدعها العقل و لكن بتوجيه من التجرببة فالعقلانية العلمية المعاصرة هي عقلانية مبدعة تبتكر مفاهيمها و مبادئها من العقل الرياضي و تكون المعطيات التجريبية تابعة لهما فالعقل الرياضي هو مبدع النظريات و لكن دون استغناء عن الملاحظة و التجربة .

استنتاج :

نستنتج إذن أن التجربة كما تصورتها النزعة التجريبية أصبحت متجاوزة فهي لم تعد تتحكم في بناء النظرية العلمية كما أن العقل كما تصورته النزعة العقلانية المثالية و الحديثة لم يعد مكتفيا بذاته و قادرا على الإستغناء عن الملاحظة و التجربة بل أصبحت النظرية العلمية بناءا عقليا حرا يؤسسهما العقل الرياضي بتوجيه من التجربة. «إن اكتشاف المفاهيم و القوانين التي تحل بينهما هي من انتاج العقل الرياضي إلا أن التجربة تظل موجها و مرشدا للعقل في اختياره للمفاهيم » وهكذا فالعقلانية المعاصرة هي عقلانية مبدعة تبتكر مفاهيمها و أدواتها اعتمادا على العقل الرياضي وتحولت المعطيات التجريبية إلى موجه للعقل و تابعة له فما هي إدن معاييرالعلمية النظرية و مقاييس صلاحيتها؟

معايير العلمية النظرية : 

ماهي معايير النظريات؟ ماهي معايير صلاحيتها؟

نص: الحسن ابن هيثم:

الإشكال الذي يجيب عنه النص:هل يمكن اعتبار النقد معيار العلمية النظرية؟ 

الأطروحة:يؤكد ابن هيثم على أن الناظر و الباحث في العلوم عليه أن يتسلح بالرؤية النقدية ليكشف عن مواطن النقص في النظريات العلمية و عن ضعفها و تناقضاتها قصد تعديلها و تجاوزها.

البنية الحجاجية : يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض و التوضيح والتفسير و الاستشهاد بمثال : )نمودج بطلموس .(

نص: كارل بوبر:

الإشكال الذي يجيب عنه النص: هل يمكن اعتبار التكذيب و التفنيد مقياسا و معيارا لصلاحية النظرية العلمية؟ 

أطروحة النص: يبين كارل بوبر أن ما يميز النظرية العلمية التجريبية عن غيرها من النظريات غير العلمية هي قابليتها للتكذيب و التفنيد.

البنية الحجاجية: لقد اعتمد النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية التأكيد و الإثبات و الإتساق المنطقي بالإضافة إلى الإستشهاد بأمثلة.

استنتاج:

إذاكان ابن الهيثم قد أكد على معيار النقد و المساءلة النقدية كمقياس لعلمية النظريات، حيث دعى إلى التسلح بالرؤية النقدية حين التعامل مع النظريات العلمية للكشف عن ما تحتويه من أخطاء و تناقضات قصد تجاوزها.

فإن كارل بوبر يؤكد أن النظرية لا تكون علمية تجريبية إلا إذا كانت قابلة للتنفيد و التكذيب، فالنظرية العلمية التجريبية هي التي تستطيع أن تقدم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها و تبرز نقاط ضعفها و تجعل فرضياتها قابلة للتكذيب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:40 am

السعادة

[rtl]الإطار العام للدرس :[/rtl]
[rtl]تنتمي السعادة لمبحث القيم الذي أولا الفلاسفة المسلمون اهتماما خاصا لذلك فإن اختبارات تناول المفهوم من منضور فكر فلسفي إسلامي أمثلة الرغبة بالتعرف على الثراث الاسلامي من جهة ونظرا لخصوبة والشراء (الحق) الذي يميز فلاسفة الاسلام بتناولهم لهذا المفهوم من زوايا مختلفة عبرت عنها تصوراتهم المتبانية معرفيا ومينافيزفيا وقيميا وهكذا يمكن معالجة هذا المفهوم إلى مستويين – مستوى كيفي ويتعلق بطبيعة السعادة من حيث مدى مادتها أو عقليتها أو وجدانيتها – مستوى الذات ومدى فرديتها وجماعيتها أي الطبيعة العملية والعلادقية للسعادة .[/rtl]
[rtl]I- من الدلالات إلى الاشكالية :[/rtl]
[rtl]1) الدلالة العامة : إذا تأملنا في كل التمثلات التي يعطيها عامة الناس لمفهوم السعادة فإننا نجدها لاتتجاوز المدلول المادي الذي يتجه إلى الإرضاء والاشباع الحسي الشيء الذي يفرض علينا التساؤل إن كان المطلب مادي لتحقيق السعادة ؟ .[/rtl]
[rtl]2) الدلالة اللغوية ورد في لسان العرب لابن منضور أن الجدر الثلاثى سحد تسثنفا منه ثلاث ألفاظ تشترك في نفس المغنى : الساعد – السعدان والسعد، فلما عدا الإنسان دراعا مساعدا القبلية رئيسها وسائد المزرعة نهر الذي تربوي منه أمام لفظ السعدان فيدل على تباث من أطيب فراعي الإبل مادام ربط + أما لفظ السعد فيدل على الطيب بالرائحة الزكية. من هذا التعريف معنين إثنين الحفاظ في البعد المادي (الإرضاء والإشباع والارتواد) ثم توسيعه للإضافة بعد جديد هو حسن التدبير والرئاسة من خلال العقل فساعد القبيلة ورشدها مدير لشؤونها أي عقلها، الذي لديوسها وهناك لايمكن تصور السعادة منذ الغبار بدون اجتماع وبدون عقل يديل هذا الاجتماع مما يدفعنا إلى التساؤل ؟ ماهو أساس السعادة هل العقل أم الحس ؟ .[/rtl]
[rtl]3- الدلالة الفلسفية : ترتبط السعادة في الفلسفة مع مجموعة من المفاهيم الأخلاقية مثل الميز، العدل، العقل... كما تتحدد في المقابل الشر، الظلم، القبح وبشكل عام تعرف السعادة على أنها "حالة إرضاء إشباع وارتياح "الذات تتسم بالقوة والنبات وتتميز عن الذي – تستنتج من هذه التعاريف السابقة أن السعادة تتخد في بعدين : - بعد يرتبط بطبيعة ذلك الإرضاء هل هو مادي أم عقلاني وبعد يرتبط بالكاتب العقلاني الإجتماعي للذات هكذا يمكن طرح من التساؤلات ماطبيعة ذلك الإرضاء ؟ هل هو مادي غرائزي أم عقلي ؟ هل السعادة تتحقق بالإتساع ورغبات الجسد ؟ أم تلبية مطالبة العقل ؟ أم أن الأمم تتجاوز ذلك لترتبط كحاجيات الروح ؟ بتعبير آخر هل السعادة روبية وجدانية أم هي عقلية خالصة ؟ ماهو الطريق الصحيح ؟ هل هو طريق العقل والحكمة الفلسفية ؟ أم هو طريق الوجد والعرفان ؟ هل يمكن فصلها عن الفرح واللذة ؟ ومن ثم هل هي لحظية آنية أم دائمة ومستمرة ؟ هل تتحقق السعادة وفق اختبار ووجود فردي ؟ أم أن الوصل إليها بدعم الجماعة التي ينتمي إليها.[/rtl]
[rtl]II- السعادة بين إرضاء الرغبات البدن وتحقيق مطالب العقل.[/rtl]
[rtl]تمهيد : يندرج التفكير في موضوع السعادة ضمن سياق فلسفي أفلاطوني أرسطي ينتصر النفس على الجسد حيث يعلن من شأن النفس العاقلة بينما يتم احتفار البدن والنفس الشهوية.[/rtl]
[rtl]الإشكالية فما هو أساس السعادة ؟ هل تتحقق السعادة بإشباع رغبات البدن ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي سيميز الإنسان من الحيوان ؟ ألا يمكن القول أن السعادة البدنية زائلة وفانية ؟ وبالتالي فإن السعادة لاتتحقق إلى بتحصيل العلوم والمعارف ؟ بتعبير آخر أليست السعادة التي تتحقق في العقل أبقى وأشد من شهوات التفس ؟ وماهي الوسيلة لتحقيقها حل من خلال نهج طريق الفلسفة والحكمة أم من خلال طريق الاسراف والتصوف.[/rtl]
[rtl]ا) مجزال بين الرازي يرفض الرازي الموقف الذي يعرف السعادة بنصفها لإرخاء الغرائز وإشباع للشهوات فالسعادة لاتحقق بإرضاء الشهوات لأن الحيوان يشارك الإنسان فيها إذ ليس للإنسان فيها فضل عن الحيوان بل إنه أقوى من الإنسان في هذا الباب كما أن اللذة الحسية ليست من التملات بل هي ناتجة عن الحاجة التي هي دينية وبهيمية وبالتالي فإن فضيلة الإنسان التي تتحقق بها سعادته هي في تحصيل العلوم المعارف والأخلاق النبيلة لا بالأكل والشرب .[/rtl]
[rtl]2) ابن مسكوية : وقد رفض ابن مسكوية من جهة اختزال السعادة في إشباع الملذات الحسية واصفا من يتبنى هذا الموقف بالبهيمية والرعاع الذين سيجدون النفس الشريفة (العاقلة) ويجعلونها في خدمة النفس الشهوية، وفي المقابل يعني مسكوية من شأن السعادة العقلية لأنها سعادة (شريفة لاتمل) على حد قوله، سعادة تتميز بالكمال والتمام، يختص بها الإنسان وحده باعتباره كائنا يتميز عن سائر الكائنات بالعقل، الشيء الذي بحل السعادة لاتكون لغير العاقلين، وجعل أنبل الناس وأكثرهم حظا من كان نصيبه من النفس العاقلة أكثر وانصرافه إليها أتم وأوفر. ولن يتحقق التمال الإنساني إلا بالوجود القوتين :   - القوة العالمة، يتم من خلالها تحصيل العلوم والمعارف ويعتبر العلم الإلاهي أرقى هذه العلوم. حيث يتحقق الكمال النظري.[/rtl]
[rtl] - القوة العاملة : وهي التي تقوم بالتدبير الأخلاقي لأفعال الناس حتى تتنظم أمورهم ويصلح شأنهم وهي التي تحقق التمال العملي.  فإذا اجتمع هذان الكريمان فقد تحققت السعادة القسوى وتحقق كمال الإنسان واستحق أن يلقب بالحكيم أو الفيلسوف.[/rtl]
[rtl]خلاصة : ينتهي الفلاسفة المسلمون إلى برط السعادة بالأعمال العقلي وتحقيق اللذة العقلية فهي أعلى شأنا وأرفع مقاما من اللذة البدنية الذي تبقى محتقرة ومهمشة. لكن ماهو موضوع السعادة العقلية وماهو طريقها ؟ .[/rtl]
[rtl]تكمن فضيلة النفس العاقلة التي تتحقق من خلالها سعادتها في التشوق إلى العلوم والمعارف وبحسب إسراره في طلبها والتدرج في تحصيلها بحيث تكون المعرفة الإلاهية أسمى درجات المعرفة حيث يتحقق الكمال الإنساني، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة فقد وصل إلى آخر السعادات وأقصاها أبو نصر الفرابي :[/rtl]
[rtl]يرى الفرابي السعادة إنما تنال بالأشياء الجميلة وهذه الأخيرة لاتصبر ممكنة إلا بصناعة الفلسفة والتي تحصل بجودة التمييز وقوة الإدراك الذي من خلاله نميز بين الحق والباطل وبالصناعة التي تعنينا على ذلك هي صناعة المنطق الذي تقف عند الحق فتعتنقه ويقف عند الباطل فنتجنبه وبذلك تكون الفلسفة حسب الفرابي هي السبيل الوحيد لنيل السعادة باعتبارها أعظم الخيرات وأكمل الغابات التي يتشوق لها إنسان.[/rtl]
[rtl]-        طريق المصوف : يرى أتباع هذا المذهب أن السعادة هي سعادة القلب والروح.[/rtl]
[rtl]ففيها تنكشف الحقيقة الإلاهية وتتحقق المشاهدة القلبية لا العقلية في الحصرة ويتحقق الإتصال في الذات الربانية والفناء فيها ذلك أن المتوصفة هم أولياء الله والعارفون به والمنقطعون إليه الذين تعلقت إرادتهم بمحبته ومشاهدته بالقلوب تمثل إذن لحظة اكتشاف الأسرار الإلاهية في إحدى تجلياتها عند المتوصفة .[/rtl]
[rtl]مقدمة :[/rtl]
[rtl]يتحدث النص هو لصاحبه الفيلسوف الإسلامي ابن مسكوية المعروف باهتمامه بالأخلاق وله كتاب في هذا المجال سماه تحديد الأخلاق وتطهير الأعراق الذي طرح فيه وجهة نظره حول دور الأخلاق في تهديد السلوك الإنساني من أجل تحقيق كمال الإنسان وسعادته وهو يقدم في هذا النص أطروحته حول موضوع السعادة متسائلا عن السبل المؤدية إلى كمال الإنسان وسعادته، وهو يقدم في هذا النص أطروحته حول موضوع السعادة متسائلا، عن السبل المؤدية إلى كمال الإنسان وسعادته، هل تتحقق السعادة من خلال الزهد في متاع الدنيا واعتدال الناس وعدم مخالطتهم ؟ وفي هذه الحالة كيف تظهر الفضيلة التي بدونها لاتتحقق السعادة ؟ كيف نميز بين الخير والشر بغيات الجماعة ؟ كيف نتعلم الفضائل الإنسانية، الإجتماعية بدون مخالطة الناس ؟ ألا يمكن القول أن الفضيلة التي بها تنال السعادة لاتظهر إلا بملازمة الناس والإجتماع بهم ؟ .[/rtl]
[rtl]يرى مسكوية أن العفة الفضيلة مثل العفة والسخاء والعدل التي هي أساس السعادة لايمكن أن تظهر في الزهد والخلوة والاغتزال الناس في المغازات والجبال ذلك أن من لم يخالف الناس وسياكنهم تكون أفعاله مثل أفعال الموتى لايمكن وصفها لا بالخير ولا بالشر وعليه يعتقد مسكوية أن الفضلية التي تصل بها إلى آخر السعادات حيث يتحقق كمال الإنسان لاتتم إلا بمشاركة الناس ومساكنتهم وقد قسم النص إلى فقرتين تحدث في الفقرة الأولى عن الموقف الصوفي الذي يميل إلى الزهد والعزلة مبينا أسباب رفضه لهذا الموقف أما في الفقرة الثانية فقد طرح فيها تصوره للسعادة الذي يقوم على أساس الأعمال الفاضلة والتي لن تتحقق إلا من خلال الإجتماع بالناس ومعاشرتهم وقد بدأ الكاتب نصه سؤال شنكاري الهدف منه هو ضغط الموقف الصوفي مستعملا مجموعة من الصيغ والروابط النمط فيه مثل أدوات الإستنتاج إذن ولذلك وأدوات التأكيد بل والنفي ليست من لم، أدوات الشرط، إما، إزا، إنما، كما استعمل التشبيه حينما شبه سلوك المتصوفة بسلوك الموتى والجمادات .[/rtl]
[rtl]2- الفرابي : يرى الفرابي من جهته أن كل إنسان محتاج لتدبير قوامهم وبلوغ أفضل كمالاته إلى جماعة يقوم كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه فلايمكن للإنسان أن ينال كماله وسعادته إلا بالإجتماع بجماعة يسودها التعاون والتآزر يسمى الفرابي هذا النوع من الإجتماع الذي يتعاون على نيل السعادة "الإجتماع الفاضل" أما الجماعة التي يقصد الإجتماع فيها التعاون للضفر بالسعادة "المدينة الفاضلة" فهي بمثابة الجسد من جسم الإنسان الذي يتكون من أعضاء مختلفة تتعاون على حفظ توازن الجسد وصفان بقاءه، فكذلك الشأن بالنسبة للجماعة التي لاغنى لأعضاءها عن التعاون والتآزر لنيل السعادة ولكي تكون هذه الجماعة فاضلة لا بد أن يقودها حاكم فاضل يجمع بين فضيلتي الحكمة والشريعة.[/rtl]
[rtl]خلاصة : نستخلص إذن أن الإختيار العقلاني والاجتماعي والمدني القائم على الإجتماع والتعاون هو طريق تحصيل السعادة في الأرض عند مسكوية والفرارابي .[/rtl]
[rtl]خاتمة : هناك 3 خلاصات يمكن الخروج بها من هذا الدرس :[/rtl]
[rtl]-        أن السعادة لاتتحقق إلا في العقل وهو الموقف الذي يمثله الفلاسفة المسلمين المتأثرين بالموروث الفلسفي اليوناني.[/rtl]
[rtl]-        أن السعادة لاتتحقق إلا تلبية مطالب القلب والروح وهو اتجاه المصوفة أو الصوفي.[/rtl]
-        أن السعادة لاتتحقق بالعزلة والاختلاء وإنما بالإجتماع والتعاون. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 7:58 am

[rtl]مفهوم الشغل
المحور الأول:                          الشغل خاصية إنسانية        
                  
[/rtl]
[rtl]- إشكال المحور: 1
لماذا يعتبر الشغل فاعلية إنسانية ؟
و ما هي المعاني و القيم التي يضيفها على الوجود الإنساني ؟
 
  تحليل نص كارل ماركس:       الشغل سيرورة وتوسط  
[/rtl]
[rtl]1- إشكال النص:
ما هو الشغل ؟ و بأي معنى يمكن اعتباره فاعلية إنسانية ؟
2- أطروحة النص:
يتحدد الشغل بوصفة فعلا يتم بين الإنسان و الطبيعة، بموجبه يقوم العامل بتحويل المواد الطبيعية الأولية و يضفي عليها عليها صورة انطلاقا من تصوراته العقلية القبلية. و هكذا يتميز الشغل عند الإنسان بطابعه الغائي حيث يختلف عن العمل عند الحيوان الذي يظل مجرد فعل غريزي. و هذا ما يجعل الشغل فاعلية خاصة بالإنسان و حده .
 3- مفاهيم النص:
* الشغل / الإنسان :
بولسطة الشغل يتدخل الإنسان في الطبيعة و يغيرها، بأن يمنحها شكلا معينا و يجعلها مفيدة له في حياته . هكذا فالشغل له آثار إيجابية على حياة الإنسان؛ إذ يحقق له الرفاهية في العيش و يحقق له منافع كثيرة. غير أن هذا التأثير يطال الإنسان أيضا، فينمي ملكاته العقلية و يطور سلوكه و يرتقي بذوقه.
* الشغل / الوعي والإرادة:
الشغل عند الإنسان خاضع للإرادة و يحضر فيه الوعي؛ ذلك أن الإنسان يفكر بشكل مسبق في كيفية إنجازه لعمله قبل أن يحققه على أرض الواقع. و هذا ما يجعل الشغل عند الإنسان ذا طابع غائي؛  أي أن الإنسان يعي شغله و يحدد له غايات معينة قبل عملية إنجازه.
* مسار الشغل :
يتضمن مسار الشغل أو سيرورته ثلاثة عناصر أساسية :
  أ- النشاط الإنساني:
    - نشاط جسدي .
    - نشاط عقلي  .
  ب- موضوع الشغل:  المواد الطبيعية الأولية.
  ج- وسائل و أدوات الشغل .
4- حجاج النص :
من أجل توضيح أطروحته، استخدم ماركس مجموعة من الأساليب الحجاجية:
  أ- أسلوب العرض و التفسير:
     *المؤشرات اللغوية الدالة عليه :
- إن الشغل …
و في الوقت الذي … فإنه …
- إن نقطة انطلاقنا هي …
- إن النتيجة التي ينتهي إليها الشغل …
    * مضمونه:
- تعريف الشغل باعتباره فاعلية تدخل الإنسان و الطبيعة في علاقة منتجة لقيم نافعة .
- الشغل لا يغير الطبيعة فقط ، بل يغير أيضا ملكات الإنسان  و قدراته الإبداعية أيضا .
- الشغل فاعلية إنسانية .
- نتيجة الشغل توجد بشكل قبلي في ذهن العامل و مخيلته .
ب- أسلوب المقارنة:
[/rtl]

[rtl]
الشغل عند الإنسان
[/rtl]
[rtl]العمل عند الحيوان[/rtl]
[rtl]- الحائك – المهندس
- مهارة عقلية.
- عمل غائي .
- القصدية و التخطيط و البرمجة .
- عمل حر و اختياري .
[/rtl]
[rtl]- العنكبوت – النحلة .
- مهارة غريزية.
- عمل آلي .
- التلقائية و العفوية الطبيعية .
- عمل إجباري و خاضع للضرورة البيولوجية .
[/rtl]
[rtl]← هكذا يثبت كارل ماركس من خلال هذه المقارنة، بأن الشغل بالمعنى الدقيق ظاهرة خاصة بالإنسان وحده، لأنه فعل غائي و قصدي،  يحضر فيه الوعي و الإرادة العاقلة و الحرة للإنسان .

 تحليل نص نيتشه:
[/rtl]
[rtl]1- إشكال النص:
ماهي انعكاسات الشغل على الفرد العامل ؟
و ما هي القيم التي يضيفها الشغل على الوجود الإنساني ؟
2- أطروحة النص :
إن الشغل الشاق في نظر نيتشه يحول دون تحقيق الرغبات و الميولات الفردية، فهو يهدر طاقات الإنسان الفردية و الإبداعية . إن الغرض منه هو فقط إشباع حاجات حيوانية بسيطة، كما يهدف إلى تحقيق الأمن و الاستقرار و الهدنة الإجتماعية.
3- مفاهيم النص:
* نعمة الشغل : إيجابيات الشغل و آ ثاره الحسية على الإنسان .                         
[/rtl]
[rtl]* الأفعال المجردة: هي مجموعة من التعاليم المسطرة نظريا، والتي تحدد لأفراد المجتمع ما يجب فعله.
* العلاقة بين الخطاب الذي يمجد الشغل والفرد:                                               
[/rtl]
[rtl]يرى نيتشه أن هناك خلفية فكرية وإيديولوجية تقف وراء الخطابات التي تمجد الشغل وتمدح الممارسين له، وهي التي تتمثل في التحكم في أفعال الأفراد وتوحيدها بغية تحقيق النظام والاستقرار داخل الجماعة. هكذا تستغل هذه الخطابات الشغل إيديولوجيا لصالحها، مما يجعلها تخشى كل عمل أو مبادرة فردية.               [/rtl]
[rtl]* العلاقة بين الشغل الشاق من جهة والفكر والرغبة الفردية من جهة أخرى:                  [/rtl]
[rtl]إن الشغل الشاق – من الصباح إلى المساء – يعرقل التفكير الفردي، ويلجم رغبات وميولات الفرد الذاتية، ويهدر طاقته العصبية في تحقيق أهداف وضيعة تتمثل في إشباع حاجات الجماعة من أجل تحقيق الهدنة والنظام، وإن كان ذلك على حساب شقاء الفرد وكده المستمر.    [/rtl]
[rtl] ← هكذا نجد أن الفيلسوف الألماني نيتشه يوجه نقدا للشغل الشاق من الصباح إلى المساء، باعتباره مصدر شقاء للفرد ويقتل مواهبه وميولاته الشخصية، حيث يصبح هذا الأخير أداة طيعة في يد الجماعة تحقق من خلاله مصالحها وأهدافها الإيديولوجية.
المحور الثاني:               تقسيم الشغل

 إشكال المحور:
ماهي آثار تقسيم الشغل على وجود العامل؟
وكيف يؤدي تقسيم الشغل إلى الحفاظ على تماسك المجتمع؟
 
  
 تحليل نص جورج فريدمان :          النظام الآلي  
[/rtl]
[rtl]1- إشكال النص:
ما هي آثار تقسيم الشغل على نفسية العامل؟
 
2- أطروحة النص:
لقد أدى تقسيم الشغل إلى آثار سلبية على العامل، حيث لم يعد يتحكم في عمله عن طريق التفكير فيه و التخطيط له،  بل حدث انشطار بين العمل و التفكير لدى العامل؛ فأصبح يقوم بعمل آلي  خال من كل حافز أو تفكير عقلي حر .
3- مفاهيم النص:
 * تقسيم الشغل/العامل:
لقد أصبح الشغل مع نظام الآلية أكثر تجزيئا و تخصصا، و أصبحت الآلة تعوظ عمل الإنسان في الكثير من المهام. و هذا ما أدى إلى تقليص مساهمة العامل في الإنتاج و إضعاف ذكائه، ولم يعد يتحكم في مسار الشغل وفي الأهداف المرسومة له.
 * الشغل /تفكير العامل:                                                                                                                                      لم يعد العامل يوظف تفكيره وذكاءه في التخطيط للإنتاج ورسم أهداف الشغل، بل أصبح تدخله ينحصر في بعض العمليات التي تكمل عمل الآلة. هكذا أصبح العامل مكرها على المشاركة في عمليات فارغة من كل قيمة فكرية. وحدث نوع من الانشطار بين العمل والتفكيرلديه.
4- حجاج النص :
اعتمد صاحب النص على آليتين حجاجيتين رئيسيتين من أجل إبراز أطروحته:
  أ- آلية الوصف:
      *المؤشرات اللغوية الدالة عليها :
+ إن تقسيم الشغل ... يخلق ...
+ أصبح ... أكثر تجزيئا ... أصبحت...
+ ... وضع قطعة تحت ...
  ب- آلية النقد:
      *المؤشرات اللغوية الدالة عليها:
+ لم يعد العامل يختار و يقرر ...
+... و هو مكره على المشاركة في عمليات فارغة ...
+ ... تبرز لنا قساوة تقسيم الشغل .
     *مضمونهما:
هكذا  قدم لنا فريد مان و صفا للوضعية التي يعيشها العامل في ظل نظام الآلية و تقسيم الشغل، ليوجه انتقادا واضحا إلى هذا النظام الذي أدى إلى تبليد العامل و تشييئه، و إحداث انشطار و فصل بين إرادته وتفكيره من جهة، و ما يقوم به من عمل داخل المصنع من جهة أخرى .

 تحليل نص إميل دور كايم:   لماذا يؤدي تقسيم الشغل إلى التماسك الاجتماعي ؟

 1-إشكال النص:
ما هي آثار تقسيم الشغل على المجتمع ؟
2- أطروحة النص :
يولد تقسيم الشغل مشاعر الإنتماء إلى الجماعة، كما يؤدي إلى تماسكها و خلق تنافس إيجابي بين أفرادها، مما ينتج عنه تطور في الإنتاج و حيوية و استمرارية في العمل .
3- مفاهيم النص :
 * الفرد / المجتمع:
- لايستطيع الفرد أن يكتفي بذاته، فهو في حاجة إلى المجتمع من أجل تحقيق ما هو ضروري بالنسبة
 إليه.
- الفرد يشتغل من أجل المجتمع.
- الفرد جزء لايتجزء من المجتمع، فهناك روابط أخلاقية و روحية  تدفعه إلى أن يشتغل من أجل الآخرين.
  * الشغل / النشاط الوظيفي:
يؤدي النشاط الوظيفي إلى تطوير الشغل و خلق تنافس و حيوية و استمرارية داخل المجتمع .
4- حجاج النص :
 استخدم صاحب النص أسلوبين حجاجين ر ئيسيين من أجل توضيح أطروحته:
     أ- أسلوب التحليل:
           * المؤشرات اللغوية الدالة عليه:
- و بما أن الفرد ... فهو ...
- كما أنه ...
- هكذا [ أسلوب الاستنتاج ] .
* مثل هذه المشاعر ليس من شأنها فحسب أن تولد ... و إنما تولد أيضا ...
         * مضمونه:
لايستطيع الفرد أن يحقق اكتفاء ذاتيا و يلبي كل الضروريات التي يحتاج إليها، ولذلك تتولد لديه روح الإنتماء إلى المجتمع، فيسعى إلى تقديم تضحيات و مجهودات من أجل المساهمة في تحقيق النظام داخل المجتمع .
   ب- أسلوب الإثبات:                                                                                                                                         * المؤشرات اللغوية الدالة عليه:
- لا يتطور... إلا...
- إن الأسباب التي... هي نفس الأسباب التي...
- حينما يزداد... سينعكس...
- وبالإضافة إلى ذلك، فإن تقسيم الشغل...
        * مضمونه:
يؤدي النشاط الوظيفي والمتخصص في الشغل إلى خلق المنافسة والحيوية وتطوير الإنتاجية.
[/rtl]
[rtl]المحور الثالث:                       الشغل بين الاستلاب والتحرر[/rtl]
[rtl]             * إشكال المحور:                                                                                                                               هل الشغل خضوع للحاجة ولنظام النشاط المنتج أم هو إبداع للذات ؟ وهل الشغل استلاب أم تحرر ؟    
                                                     تحليل نص سارتر:        الشغل تحرر
[/rtl]
[rtl]                     1- إشكال النص:                                                                                                                       هل يؤدي الشغل إلى استعباد العامل ونفي ذاته أم أنه على العكس من ذلك مصدر لتحررها وتحقيقها على مستوى الأشياء الطبيعية ؟
             2- أطروحة النص:
يرى سارتر أنه بالرغم مما في نظام التايلورية في الشغل من استعباد وقهر، فإنه مع ذلك عنصر محرر لذات العامل؛ إذ يؤدي إلى إثبات ذاته على الأشياء الطبيعية ويعمل على تحويلها إلى منتوجات صناعية مفيدة. إن الشغل إذن أداة تحرر للإنسان، خصوصا وأنه يخضع لقوانين ولا يتم تحت نزوات التملك لرب العمل.                                                                                                                                                            3- مفاهيم النص:
               
[/rtl]
[rtl]* الشغل/الاستعباد:                                 تتجلى مظاهر الاستعباد في الشغل فيما يلي:                                                     - لا يختار العامل شغله.                                                                                                                                      - لا يختار العامل زمن شغله.                                                                                                                                -  يتقاضى العامل أجرة ضئيلة لا تتناسب مع مجهوده في العمل.                                                                                                                                                            -  تبليد العامل وتشييئه، والتعامل معه كآلة.                                                                                                              -  الروتين وتكرار نفس الحركات في العمل.                                                                                                            >>> هكذا يؤدي الشغل تحت نظام الآلية إلى العديد من أشكال القهر والاستعباد بالنسبة للعامل.                                    [/rtl]

[rtl]* الشغل / نظام التايلورية:يقوم نظام التايلورية في الشغل على تجزيء العمل، من خلال قيام العامل بحركات مضبوطة ومكررة تستهدف استغلال جهده من أجل الرفع من الإنتاج. وهو ما جعل هذا النظام يؤدي إلى تشييء العامل ونفي كل حرية وإبداع لديه في الشغل.
                      * الشغل / الحرية:
الشغل مجال لتحرر الذات لأنه:
          - لم يعد يتم تحت نزوات التملك لرب العمل، بل أصبح يخضع لقوانين تضمن الحقوق المشروعة
             للعامل.
          - يجعل الإنسان/ العامل يثبت ذاته على الطبيعة، فيحول أشياءها ويتحكم فيها.
         4- حجاج النص:
استخدم صاحب النص مجموعة من الأساليب الحجاجية من أجل توضيح أطروحته:
                  * المؤشرات اللغوية الدالة عليه:                                                                                                                                                              - يمثل الشغل ...                                                                                                          
- بهذا المعنى ...                                                                                                          
- من المؤكد أن ...
- فهو يجزىء نشاط العامل ...
- إن رب العمل يختزل ...
- وهكذا يميل ...
                                * مضمونه:                                                                                                                    إن الشغل مبدئيا هو أداة ثورية يحرر من خلالها الإنسان ذاته ويحققها، لكنه في ظل شروط نظام الآلية تحول إلى أداة لاستعباد العامل نظرا لما يتخلله من إقصاء لوعي وإرادة العامل في الشغل، والتعامل معه كآلة للإنتاج.       
              ب- أسلوب المثال:
- الاستشهاد بمثال تورده السيدة " ستايل " في مذكرة رحلتها إلى روسيا في بداية القرن 18م.
                       * مضمونه:
عشرون قنا من الأقنان الروس، يعزف كل واحد منهم نوطة واحدة بشكل متكرر كلما كان ذلك ضروريا، بحيث أصبح كل واحد منهم يحمل اسم النوطة التي يعزفها. وهذا شبيه بما يحدث للعمال في نظام التايلورية؛ حيث يتم اختزال شغل العامل في قيامه بحركات متكررة مئات المرات يوميا.   
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 8:00 am

I-الشخص والهوية الشخصية 

استشكالات أولية: 
رغم تعدد وتنوع بل وتعارض الحالات النفسية التي يمر منها الشخص طيلة حياته، فإن كل واحد منا يحيل باستمرار إلى نفسه بضمير "أنا" بوصفه وحدة وهوية تظل مطابقة لذاتها على الدوام. غير ان هذه الوحدة التي تبدو بديهية تطرح مع ذلك أسئلة عديدة

بل إن البديهي يشكل الموضوع الأثير والمفضل للفكر الفلسفي. ويمكن القول أن الفيلسوف يصادف إشكالية الوحدة المزعومة للهوية الشخصية في معرض بحثه في الماهيات والجواهر. يتساءل الفيلسوف: إذا كان لكل شيء ماهية تخصه، بها يتميز عن غيره، فهل هناك ماهية تخص الفرد، بها يتميز عن غيره بشكل مطلق؟ خصوصا إذا علمنا أنه ما من صفة فيه، جسمية او نفسية، إلا ويشاطره التخلق بها عدد قليل أو كثير من الأفراد؛ وإذا عرضنا الشخص على محك الزمن والتاريخ، فهل هناك جوهر يظل ثابتا رغم تغيرات الجسم وأحوال النفس وانفعالاتها؟ وهل هذا الجوهر كيان ميتافيزيقي مكتمل التكوين منذ البدأ، أم أنها سيرورة سيكلوجية تجد سندها المادي في الذاكرة، وعملية تطورية تنشأ تدريجيا بفضل تفاعل الفرد مع الغير؟. 

أ-ثبات الأنا واستمراريته في الزمان:

موقف ديكارت: التصور الجوهراني الماهوي للهوية الشخصية
نلاحظ أن الفرد يستطيع التفكير في الموجودات الماثلة أمام حواسه أو المستحضرة صورتها عبر المخيلة، ولكنه يستطيع أيضا التفكير في ذاته ، في نفسه هذه التي تفكر!!
يسمى هذا التفكير وعيا وهو نفس الوعي الذي اعتمدعليه ديكارت في " الكوجيطو" وخصوصا وعي الذات بفعل التفكير الذي تنجزه في لحظة الشك أي الوعي بالطبيعة المفكرة للذات التي تقابل عند ديكارت طبيعة الإمتداد المميزة للجسم.
تساءل ديكارت في التأمل الثاني: "أي شيءأنا إذن؟ " وأجاب: " أنا شيء مفكر" 
ولكن هل وراء أفعال الشك والتذكر والإثبات والنفي والتخيل والإرادة...هل وراءها جوهر قائم بذاته؟ 
يجيب ديكارت بنعم : إنها النفس، جوهر خاصيته الأساسية التفكير، أي أن للكائن البشري طبيعة خصائصها هي أفعال التفكير من شك وتخيل وإحساس ...وهي مايشكل الهوية الشخصية للكائن البشري، بل إنها صفته الأكثر يقينية، والأكثر صمودا أمام أقوى عوامل الشك 
موقف جون لوك:نقد التصور الجوهراني الماهوي: ليست الهوية الشخصية سوى ذلك الوعي أو المعرفة المصاحبة لإحساساتنا
يرى "جون لوك" أن مايجعل الشخص " هو نفسه" عبر أمكنة وأزمنة مختلفة، هو ذلك الوعي أو المعرفة التي تصاحب مختلف أفعاله وحالاته الشعورية من شم وتذوق وسمع وإحساس وإرادة، تضاف إليها الذاكرة التي تربط الخبرات الشعورية الماضية بالخبرة الحالية، مما يعطي لهذا الوعي استمرارية في الزمان 
"إذن فلوك" و "ديكارت" مجمعان بأن الشخص هو ذلك الكائن الذي يحس ويتذكر و -يضيف التجريبي لوك- يشم ويتذوق! 
ولكنهما يختلفان فيما يخص وجود جوهر قائم بذاته يسند هذا الوعي وهذه الاستمرارية التي يستشعرها الفرد؛، والواقع أن " الجوهر المفكر" -من وجهة نظر المحاكمة الحسية- كينونة ميتافيزيقية لايسع لوك قبولها انسجاما مع نزعته التجريبية التي لاتقر لشيء بصفة الواقعية والحقيقة مالم يكن إحساسا أو مستنبطا من إحساس،
وباختصار فالهوية الشخصية تكمن في فعل الوعي، وعندما يتعلق الأمربالماضي يصبح الوعي ذاكرة بكل بساطة، وكل هذا لكي يتجنب لوك القول بوجود جوهر مفكر، أي أن الهوية لاتقوم في أي جوهر مادي كان أو عقلي، ولاتستمر إلا مادام هذا الوعي مستمرا 
موقف دافيد هيوم: النقد الجذري للتصور الديكارتي الماهوي
دافيد هيوم فيلسوف تجريبي، لايعترف بغير الانطباعات الحسية مصدرا أولا للأفكار، وعليه فلكي تكون فكرة ما واقعية، فلابد لها أن تشتق من انطباع حسي ما، والحال أن فكرة "الأنا" أو "الشخص" ليست انطباعا حسيا مفردا، بل هي ماتنسب إليه مختلف الانطباعات. وإذا ما وجد انطباع حسي مولد لفكرة "الأنا" فلابد أن يتصف هذا الانطباع بنفس صفات الأنا وهي الثبات والاستمرارية طيلة حياتنا، والحال أنه لاوجود لانطباع مستمر وثابت: إن الألم واللذة، الفرح والحزن، الأهواء والاحساسات...، حالات شعورية تتعاقب ولاتوجد أبدا متزامنة أومجتمعة. وعليه ففكرة الأنا لايمكن ان تتولد عن هذه الانطباعات ولاعن أي إنطباع آخر، ومن ثم فلا وجود لمثل هذه الفكرة واقعيا، ومن باب أولى ينبغي الامتناع عن أي حديث عن الهوية الشخصية كجوهر قائم بذاته.


ب- الذاكرة والهوية الشخصية

بغض النظر عما إذا كانت الهوية جوهرا قائما بذاته أو تعاقبا لحالات شعورية متباينة، فإن الهوية ليست كيانا ميتافيزيقيا مكتمل التكوين منذ البدأ، إنها سيرورة سيكلوجية تجد سندها المادي في الذاكرة، وعملية تطورية تنشأ تدريجيا بفضل تفاعل الفرد مع الغير 
سبق لــ ابن سينا أن لاحظ، في هذا الإطار، بأن فعل التذكر هو الذي يمنح الفرد شعورا بهويته وأناه وبثباتها.ويتجلى هذا واضحا في شعور الفرد داخلياً وعبر حياته باستمرار وحدة شخصيته وهويتها وثباتها ضمن الظروف المتعددة التي تمر بها، كما يظهر بوضوح في وحدة الخبرة التي يمر بها في الحاضر واستمرار اتصالها مع الخبرة الماضية التي كان يمر بها.
إذا كانت الذاكرة هي مايعطي لشعور الشخص بأناه وبهويته مادتهما الخام، فإن امتداد هذه الهوية في الزمان، كما يلاحظ جون لوك، مرهون باتساع أو تقلص مدى الذكريات التي يستطيع الفكر أن يطالها الآن: وبعبارة أخرى إنني الآن هو نفسه الذي كان ماضيا وصاحب هذا الفعل الماضي هو نفس الشخص الذي يستحضره الآن في ذاكرته.
لهذا السبب، وعندما يتساءل برغسون عن ماهية الوعي المصاحب لجميع عمليات تفكيرنا، يجيب ببساطة: إن الوعي ذاكرة، يوجد بوجودها ويتلف بتلفها 
ومن الجدير بالذكر أن الوعي بالذات على هذا النحو الأرقى ليس مقدرة غريزية او إشراقا فجائيا، بل هو مسلسل تدريجي بطيء يمر أولا عبر إدراك وحدة الجسم الذي ينفصل به الكائن عما عداه وعبر العلاقة مع الغير. 
:الشخص بوصفه قيمة2


استشكالات أولية: 
مالذي يؤسس البعد القيمي-الأخلاقي للشخص؟ وهل يمكن فلسفيا تبرير الاحترام والكرامة الواجبة بشكل مطلق للشخص البشري ؟ وما علاقة ذلك بمسؤوليته والتزامه كذات عاقلة وحرة تنسب إليها مسؤولية افعالها ؟ 
يستفاد من المحورين السابقين أن الفرد وبشكل مجرد سابق على كل تعيين - أي وقبل أن يتحدد بطول قامته أو لون عينيه او مزاجه أو ثروته- هو ذات مفكرة، عاقلة، واعية قوامها الأنا الذي يمثل جوهرها البسيط الثابت ، وذلك بغض النظر عن الاختلاف القائم بين الفلاسفة حول طبيعة هذا الأنا وعلاقته بالجسد والانطباعات الحسية والذاكرة... 
ولكن مافائدة هذا التجريد النظري على المستوى العملي؟ هل يمكن أن نرتب عليه نتائج أخلاقية ملموسة؟ 

موقف كانط:العقل أساس قيمة الشخص وكرامته
انطلاقا من هذا التجريد، ذهب كانط بأن الإنسان هو أكثر من مجرد معطى طبيعي، إنه ذات لعقل عملي أخلاقي يستمد منه كرامة أي قيمة داخلية مطلقة تتجاوز كل تقويم أو سعر.إن قدرته كذات أخلاقية على أن يشرع لنفسه مبادئ يلتزم بها بمحض إرادته، هي ما يعطيه الحق في إلزام الآخرين باحترامه أي التصرف وفق هذه المبادئ. ومادام هذا العقل الأخلاقي ومقتضياته كونيا، فإن الأنسانية جمعاء تجثم بداخل كل فرد مما يستوجب احترامه ومعاملته كغاية لاكوسيلة والنظر إليه كما لو كان عينة تختزل الإنسانية جمعاء. وهذا الاحترام الواجب له من طرف الغير لاينفصل عن ذلك الاحترام الذي يجب للإنسان تجاه نفسه،إذ لا ينبغي له أن يتخلى عن كرامته، وهو ما يعني أن يحافظ على الوعي بالخاصية السامية لتكوينه الأخلاقي الذي يدخل ضمن مفهوم الفضيلة، . 
لقد كتب كانط هذه الأفكار في "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" في القرن الثامن عشر .وصحيح أن القرن العشرين قد شهد تحسنا كبيرا للشرط البشري مقارنة مع قرن الأنوار: إلغاء الرق، التخفيف من الميز ضد النساء...، بيد أنه عرف أيضا أهوال حربين عالميتين جسدتا واقعيا فكرة الدمار الشامل، إنضافت إليهما حروب محلية شهدت أبشع أنواع التطهير العرقي ومعسكرات الاعتقال... مما جعل التأمل الفلسفي، في القرن العشرين يعاود مجددا طرح السؤال حول حرمة الكائن البشري وسلامته الجسدية وبالخصوص حقه في عدم التعرض للأذى، "

موقف طوم ريغان:قيمة الشخص نابعة من كونه كائنا حيا حاسا
تنتمي فلسفة طوم ريغان إلى التقليد الكانطي، لكن في حين يؤسس كانط القيمة المطلقة التي نعزوها إلى الكائنات البشرية على خاصية العقل، وبالضبط العقل الأخلاقي العملي، التي تتمتع بها هذه الكائنات،بما يجعل منها ذواتا أخلاقية، فإن طوم ريغان يعتبر هذا التأسيس غير كاف، وحجته في ذلك أننا ملزمون باحترام القيمة المطلقة لكائنات بشرية غير عاقلة مثل الأطفال وكذا الذين يعانون من عاهات عقلية جسيمة
وعليه فإن الخاصية الحاسمة والمشتركة بين الكائنات البشرية ليست هي العقل، بل كونهم كائنات حاسة واعية أي كائنات حية تستشعر حياتها، بما لديها من معتقدات وتوقعات ورغبات ومشاعر مندمجة ضمن وحدة سيكلوجية مستمرة في الماضي عبر التذكر ومنفتحة على المستقبل من خلال الرغبة والتوقع...، مما يجعل حياتها واقعة يعنيها أمرها، بمعنى ان مايحدث لها، من مسرة تنشدها أو تعاسة تتجنبها، يعنيها بالدرجة الأولى بغض النظر عما إذا كان يعني شخصا آخر أم لا "
ويمضي توم ريغان بهذا المبدأ إلى مداه الأقصى فبخلص إلى أن جميع المخلوقات التي يمكنها أن تكون «قابلة للحياة»، أي مواضيع لوجود يمكن أن يتحول للأفضل أو للأسوأ بالنسبة إليها، تمتلك قيمة أصلية في ذاتها وتستحق أن تحترم مصالحها في عيش حياة أفضل.. 

إذا كان تصور طوم ريغان يتجاوز بعض مفارقات التصور الكانطي، فإنه يثير مفارقات لاتقل عنها إحراجا لأن معيار "الذات الحية التي تستشعر حياتها" يلزمنا بإضفاء قيمة أصيلة مطلقة ليس فقط على الكائنات البشرية، بل وحتى الحيوانات وبالخصوص الثدييات التي سنصبح مطالبين بمعاملتها كغاية لا كمجرد وسيلة! 

III-الشخص بين الضرورة والحتمية



استشكالات أولية:
يبدو أن مدار الحديث عن مفهوم الشخص - كذات عاقلة وحرة تنسب إليها مسؤولية افعالها - ينحصر في قضيتين: الكرامة والمسؤولية. يشير المفهوم الأول إلى مايحق للمرء النمتع به بوصفه شخصا، بينما يشير المفهوم الثاني إلى ماهو ملزم او ملتزم به أو مطالب به بوصفه شخصا أيضا.
بحثنا المفهوم الأول في المحور السابق. إذا اقتصرنا الآن على المفهوم الثاني، فمن اليسير أن نتصور بأن المسؤولية لاتنفصل عن صفة أخرى وهي الحرية التي يطالب بها الفرد كجزء من كرامته، وهذه المرة أيضا، بوصفه شخصا.
لن نتوقف عند الحريات السياسية لأن المانع دونها جلي واضح، وهو النظام السياسي ومختلف أشكال التضييق والقمع التي يمارسها على حرية الأفراد في التجمع والتعبير، سيقتصر بحثنا فقط على الحرية التي يحاسب الشخص بموجبها أخلاقيا من قبل الغير أو من قبل ضميره الشخصي (تأنيب الضمير) ؛أو تلك الحرية التي تترتب عنها المسؤولية المدنية أو الجنائية والتي بموجبها يحاسب المرء قانونيا أمام العدالة، ذلك أن القاضي ملزم بإثبات خلو الفعل من الإكراه كشرط لإثبات المسؤولية أي توفر عنصر الحرية والاختيار، وبناءا عليه يعرض المتهم نفسه للعقوبات المقررة
هل هذه الحرية المفترضة موهومة، لأن الشخص يرزح تحت وطأة مجموعة من الإكراهات والإشراطات التي لايطالها وعيه أحيانا، أم أن الشخص البشري ليس موضوعا ولاتجوز في حقه مقولات العلم وعلى رأسها الحتمية؟ 
موقف العلوم الإنسانية: تتمثل الضرورة في خضوع الشخص لحتميات تتجاوز وعيه وتلغي حريته
في المحورين السابقين تمت مقاربة مفهوم الشخص من زاوية الوعي وبشكل مجرد من كل تعيين، بيد أن الكائن البشري بنية سيكوفيزيولوجية وكائن سوسيوثقافي، فلا يسعه الإنفلات من قوانين الفيزيولوجيا والمحددات النفسية والإكراهات السوسيوثقافية. 
إن تجاهل هذه الشروط هي مايجعل كل إنسان يعتقد أنه السيد في مملكة نفسه، وأنه من اختار بمحض إرادته بعض ملامح شخصيته، 
هناك مذاهب فلسفية كثيرة قامت على فكرة الحتمية الكونية الشاملة فلم تر في الشعور بالحرية سوى وهم ناتج عن جهل بسلسلة العلل والأسباب، وكما يقول اسبينوزا، فإنا الناس يعون حقا رغباتهم لكنهم يجهلون العلل الخفية التي تدفعهم إلى الرغبة في هذا الموضوع او ذاك. وبيدو أن العلوم الإنسانية المعاصرة تقدم دلائل إضافية داعمة للتصور الحتمي السبينوزي،: فالتحليل النفسي مثلا يرى البناء النفسي للشخصية كنتيجة حتمية لخبرات مرحلة الطفولة، كما أن الكثير من الأنشطة الإنسانية تحركها دوافع الهو اللاشعورية ذات الطبيعة الجنسية أو العدوانية. هذا الهو الذي قال عنه "نيتشه": وراء أفكارك وشعورك يختفي سيد مجهول يريك السبيل، إسمه الهو. في جسمك يسكن، بل هو جسمك، وصوابه أصوب من صواب حكمتك"، بل إن بول هودار يذهب إلى حد القول بأن: " كلام الإنسان كلام مهموس له به من طرف الهو، الذي يعبر عن نفسه في الإنسان عندما يحاول الإنسان أن يعبر عن ذاته !!"
أما بالنسبة لعلماء الإجتماع والأنثربولوجيا، فإن طبقات مهمة في الشخصية لاتعدو أن تكون سوى انعكاس للشخصية الأساسية للمجتمع أو الشخصية الوظيفية لجماعة الإنتماء، بحيث يمكن القول مع دوركايم أنه كلما تكلم الفرد أو حكم ، فالمجتمع هو الذي يتكلم أو يحكم من خلاله. وإذا كانت التنشئة الإجتماعية تزود الفرد بعناصر من ثقافة المجتمع، فأن هذه الثقافة بدورها حسب التحليل الماركسي ليست سوى انعكاس للبنية التحتية المستقلة عن وعي الذوات: لأن الوجود المادي هو الذي يحدد الوعي لاالعكس. 
حاصل الكلام هو اختفاء الإنسان أو موته كما أعلنت البنيوية، لأن البنيات النفسية الإجتماعية اللغوية... هي التي تفعل وليس الذات أو الفرد. هل يمكن بعد كل هذا الحديث عن الإنسان كما نتحدث عن ذات أي عن كائن قادر على القيام بعمل إرادي؟ هل للسؤال "من أنا " بعد من قيمة؟ !!

موقف سارتر ومونييه:إن كون الكائن البشري شخصا هو بالضبط مايسمح له بأن يبارح مملكة الضرورة؟

رغم كل ماذكر فإن الإنسان لازال يقنع نفسه بأن له شيئا يفعله، شيئا يبقى عليه أن يفعله. إن النظر إلى الشخص باعتباره ذاتا ووعيا يمكننا من القول بأن وعي الإنسان بالحتميات الشارطة يمثل خطوة أولى على طريق التحرر من تأثيرها وإشراطها المطلق، لقد اشتقت الوجودية مقولة " أسبقية الوجود على الماهية " من خاصية الوعي،، لأن الإنسان ليس وجودا في ذاته كالأشياء، بل وجودا لذاته: يوجد ويعي وجوده، مما يجعل وجوده تركيبة لانهائية من الإختيارات والإمكانيات؛ وعلى عكس الطاولة أو الشبل اللذان يتحدد نمط وجودهما بشكل خطي انطلاقا من ماهيتهما القبلية، فإن الإنسان مفتقر إلى مثل هذه الماهية التي قد تسمح بتعريفه أو الحديث عن شخصيته على نحو قبلي مسبق. صحيح أن الفرد يحيا على الدوام لا في المطلق، بل في وضعية محددة اجتماعيا وتاريخيا، لكن ردود أفعاله واختياراته لاتحددها هذه الشروط الموضوعية وحدها، بل وأيضا المعنى الذاتي الذي يفهم بموجبه هذه الشروط والأوضاع مما يفسح مجالا واسعا للحرية وانفتاح الممكنات. من هنا نفهم تصريح سارتر بأن الإنسان مشروع في سماء الممكنات، محكوم عليه بأن يكون حرا، وبان الإنسان ليس شيئا آخر غير مايصنع بتفسه. 
ونستطيع استثمار أطروحة سارتر التي أتينا على ذكرها للقول بأن الإنسان ليس آلة إلكترونية، حتى لو أضفنا لها صفات الذكاء والصنع المتقن كما يقول إيمانويل مونييه الذي يرفض كل اختزال للشخص إلى شيء أو موضوع لأن البشر ليسوا صنفا من أشجار متحركة أو جنسا من حيوانات ذكية بمعنى أن كل المعرفة الوضعية التي راكمتهاالعلوم الإنسانية لا يمكنها أن تستنفذ حقيقة الشخص الذي يظل أكثر من مجرد شخصية أي أكثر من مجرد نظام سيكوفيزيولولجي وسوسيوثقافي 
نلاحظ أن وجودية سارتر وشخصانية مونييه يتقاطعان في رفض الخطاطة التبسيطية التي تجعل الشخص والظاهرة الإنسانية عموما ظاهرة خاضعة على غرار الظواهر الطبيعية لمقولات العلم الموضوعي وعلى رأسها الحتمية، إن الإنسان بالنسبة لفلاسفة الحرية تجربة ذاتية منغرسة في العالم لاتتوقف عن إبداع نفسها ولكن تقول العلوم الإنسانية: إنه لايبدع ولايعبر إلا عن مجمل الشروط التي يتلقى! 

خلاصة عامة للدرس:
إذا كان لابد من خلاصة تجمع أطراف موضوع متشعب كموضوع "الشخص"، فسنقول بأن الشخص، تلك الوحدة الصورية، ذلك الكائن المفكر العاقل والواعي...إلخ ينطوي في المستوى المحسوس على شخصية هي حصيلة تفاعل بين عوامل باطنية وأخرى متعلقة بالمحيط الخارجي، إنها ذلك الشكل الخاص من التنظيم الذي تخضع له البنيات الجسمية، النفسية والإجتماعية. صحيح أن هذا التنظيم يخضع لعوامل ومحددات موضوعية كثيرة، لكن ذلك لايلغي دور الشخص في بناء شخصيته. وإذا ما بدا موضوع الشخص إشكاليا متعدد الأبعاد، فماذلك إلا لأن دراسة الشخص ليست إلا إسما آخر لدراسة الإنسان بكل تعقده وغموضه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 8:02 am

مفهوم الدولة
تقديـم إشكالـــي : 

بما أن السياسة هي السعي إلى امتلاك السلطة و فرض الطاعة و تدبير الشأن العام و تنظيم العلاقات بين الأفراد بواسطة هيئات و مؤسسات تستخرها لذلك و بما أن السياسة ترتبط بالدولة باعتبترها أعلى سلطة فمن أين تستمد الدولة إذن مشروعيتها؟ هل من الحق أم من القوة؟ وهل تنحصر السلطة السياسية في أجهزة الدولة أم تشمل المجتمع ككل؟و كيف تمارس سلطتها ؟ هل باعتماد العنف و البطش أم باعتماد القانون و الحق؟ و ماهي طبيعة العلاقة بين القانون و العدالة ؟ هل ترتبط العدالة بالحق الطبقي أم بالحق الوضعي؟ هل العدالة أساس الحق أم الحق أساس العدالة؟ هل تستطيع العدالة تحقيق المساواة و الإنصاف لجميع أفراد المجتمع ؟ 

مشروعية الدولة و غاياتها: 

من أين تستمد الدولة مشروعيتها و ماهي غاياتها؟ 

نص : ماكس ڦيبر: 

إشكال النص: ماهي الأسس التي تستمد منها الدولة مشروعيتها ؟

أطروحة النص : يحدد ماكس ڦيبر ثلاثة أسس تستمد منها الدولة مشروعيتها : مشروعية مستمدة من سلطة الماضي أي السلف .

البنية الحجاجية : يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض والتفسير و التميز بالإضافة إلى التأكيد و الإثبات حيث يؤكد أن الدولة تستمد مشروعيتها من ثلاثة أسس )الماضي، كاريزمية الحاكم، و الشرعية القانونية (.

نص : طوماس هوبس :

الإشكال : كيف نشأت الدولة و ما هي غاياتها ؟

أطروحة النص: يؤكد طوماس هوبس أن نشأة الدولة نتيجة لميثاق و تعاقد إداري حر بين الأفراد تم بمقتضاه تنازلهم عن بعض حقوقهم الطبيعية و حريتهم المطلقة مقابل تحقيق الأمن و استقرارهم و ضمان حريتهم من طرف شخص أو مجلس يجسد إرادات الجميع ينظم شؤونهم و يضمن السلم و الامن و يحافظ على حقوق الجميع و يشترط فيه أن يكو ن قويا مستبدا كالتنين حتى لايجرؤ أي أحد على خرق الميثاق المتعاقد عليه و عصيان أوامره خشية منه ، وبذلك نشأت الدولة بهدف ضمان الأمن والإستقرار و السلم.

البنية الحجاجية: يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية التأكيد و الإثبات و المقارنة بين حالة الطبيعة المتوحشة حيث سيادة الخوف و العنف و حالة التمدن حيث سيادة القانون و الأمن و الإستمرار.

نص: باروخ سبينوزا:ماهي غاية الدولة و مقاصدها؟

أطروحة النص: يؤكد سبينوزا أن غاية الدولة القصوى هي تحرير الأفراد و الحفاظ على أمنهم و تمكنهم من ممارسة حقوقهم الطبيعية و حمايتهم من كل أشكال العنف و التسلط و تنمية قدراتهم الجسدية و الذهنية شريطة عدم إلحاق الضرر بالآخرين و الإمتثال لسلطة الدولة و عدم الخروج عن التعاقد و المواثيق المتفق عليها و يشترط في هذه الدولة أن تكون ديموقراطية تضمن العدل و المساواة و الحرية للجميع و تحافظ على الأمن و السلم.

البنية الحجاجية: يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض و التفسير و التوضيح و التأكيد و الإثبات فهو يؤكد على أن الهدف الأساسي للدولة و الغاية من نشأتها هو تحرير الناس من خوفهم و ضمان أمنهم و حريتهم و الحفاظ على حقوقهم و تحقيق العدل و المساواة فما هي إدن طبيعة السلطة و مرتكزاتها و ما هي طبيعة السلطة السياسية؟

طبيعة السلطة السياسية: 

ماهي طبيعة السلطة السياسية ؟ و ماهي أسسها و مرتكزاتها؟

نص: مونتسكيو: 

الإشكال: ما هي أنواع السلط ذاخل الدولة و ما هي طبيعة العلاقة بينهما؟ 

أطروحة النص: يبين مونتسكيو أن الدولة الحديثة تتوزع فيها السلط إلى ثلاثة أنواع: 

سلطة تشريعية: تشرع القوانبن أو تعدلها أو تبطلها.

سلطة قضائية: تنظر في الخلافات بين الناس و تسهر على ضمان حقوقهم.

سلطة تنفيدية: تقوم بتنفيد القوانين و تطبيقها ، ويشترط مونتسكيو لضمان أسس الدولة و استمراريتها و للحفاظ على حقوق المواطنين الفصل بين هذه السلط و استقلالية كل منهما عن الآخر لأن احتكارها من طرف شخص أو مؤسسة يهدد استمرار الدولة و أمنها كما يهدد حقوق المواطن .

البنية الحجاجية : يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض و التفسير و التوضيح .

الإشكال: هل تنحصر السلطة في مؤسسات و بنيات أم أنها تتخلل جميع مجالات المجتمع ؟

أطروحة النص: ينتقد فوكو التصور الذي يحصر السلطة في مؤسسات و بنيات ليؤكد أن السلطة ملازمة لعلاقات القوى المتعددة ذاخل المجتمع فهي تعم جميع مجالاته و بذلك فهي مجموع استراتيجيات معقدة داخل المجتمع.

استنتاج تركيبي: إدا كان مونتسكيو قد انطلق من تحديد أنواع السلط التي تتوزع داخل المجتمع و حددها في ثلاثة أنواع: السلطة التشريعية، التنفيدية و القضائية و أكد على أن العلاقة بين هذه السلط يجب أن تكون علاقة انفصال و استقلال ضمانا لأمن الدولة و حقوق المواطن لأن احتكار هذه السلط يؤدي إلى الطغيان و تدمير الدولة و تهديد أمن المواطن لذلك فالسلطة في رأيه تتجسد في مجموعة من المؤسسات و الهيئات ) المحاكم ، الشرطة، الجيش.......(أما بالنسبة لفوكو فهو ينطلق من منظور سياسي اجتماعي ليفند و ينتقد هذا التصور و ليؤكد خلافا لذلك أن السلطة لا تنحصر في مؤسسات و هيئات و بنيات بل تتجسد في مجموع العلاقات بين القوى المتصارعة داخل المجتمع و في جميع مجالاته فهي وضعية استراتيجية معقدة فمن أين تستمد الدولة سلطتها إدن و تمارسها هل اعتمادا على القوة و العنف أم على الحق و القانون؟

الدولة بين الحق و العنف: 

كيف تمارس الدولة سلطتها ؟ هل استنادا إلى القوة و العنف أم الحق و القانون؟

الإشكال: ما هي الوسائل التي يمكن أن تلجأ إليها الدولة لتمارس لسطتها و تحافظ عليها؟

أطروحة :يؤكد ماكياڦيل أن السياسة هي مجال الصراع بين الأفراد و الجماعات مما يؤدي إلى اللجوء إلى جميع الوسائل المشروعة و غير المشروعة فالحاكم أو الأمير يجب أن يكون على أهبة الإستعداد لتوظيف جميع الأساليب، فعليه أن يكون قويا كالأسد و ماكرا كالثعلب حسب مقتضيات الظروف و مجريات الأحداث، كما يمكنه أن يلجأ إلى القوانين و الأخلاق إدا كان ضمان السلطة يتطلب ذلك، و هكذا تصبح جميع الوسائل مباحة لضمان السلطة و ممارستها فالغاية تبرر الوسيلة.

نص: فريديريك انجلس:

الإشكال: هل يمكن اعتبار الدولة نتاج للصراع الطبيعي و هل تمثل الطبقة المسيطرة؟

أطروحة: ينطلق أنجلس من منظور مادي تاريخي ليبين أن الدولة ليست مفروضة من طرف سلطة خارج المجتمع، بل هي نتيجة للصراع الطبقي داخله فهي تعبير عن تضار ب المصالح بين الطبقات الاجتماعية ووجود الدولة ضرورة للتخفيف من حدة هذا الصراع و الحفاظ على النظام إلا أن الدولة تجسد مصالح الطبقة السائدة المهيمنة القوية اقتصاديا و سياسيا، مما يجعلها تلجأ إلى أساليب القمع و الإضطهاد و الإستغلال للحفاظ على داتها و استمراريتها 

استنتاج: إذا كان ماكياڦيل قد اعتبر أن السياسة مجال للصراع من أجل السلطة و بالتالي فالحفاظ على هذه السلطة و ممارستها يحتم على الأمير أو الحاكم أن يلجا إلى جميع الأساليب و الوسائل المشروعة أو غير المشروعة فعليه أن يختار الأسلوب المناسب لكل ظرف كالقوة و العنف و الحكم و الخداع و الحق و القانون لأن الغاية تبرر الوسيلة.

-أما أنجلس فإنه قد انطلق من تصور تاريخي مادي ليبين كيف أن الدولة هي وليدة الصراع الطبقي و أن وجودها يحتمه الحفاظ على النظام و التخفيف من حدة هذا الصراع إلا أن الدولة تظل مجسدة لمصالح الطبقة السائدة المهيمنة التي تملك وسائل الإنتاج و أن زوالها مشروط بزوال الطبقات الإجتماعية و تحقيق المساواة و العدل و الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المعتصم
عضو متميز
عضو متميز



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 203
نقاط : 319
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمل/الترفيه : فنان

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 8:03 am

الواجب
تقديم 

يعتبر مفهوم الواجب قطب رحى الفلسفة الأخلاقية ، إذ يشكل إحدى المقولات الأساسية التي انبنى عليها التفكير الفلسفي في الشق الأخلاقي إلى جانب قيم أخرى كالسعادة و الحرية... والحديث عن الواجب باعتباره أحد هذه القيم يدفعنا للتساؤل:ما هو الواجب ؟وما هو الأساس الذي يقوم عليه؟هل يقوم على الالتزام الداخلي المؤسس على الوازع الأخلاقي؟أم أنه يقوم على سلطة الإكراه والإلزام الخارجي بغض النظر عن مصدره وطبيعته؟وإذا كان الواجب يقوم على الالتزام الداخلي ألا يقتضي ذلك ضرورة وجود وعي أخلاقي من شأنه أن يشكل الأساس الذي يقوم عليه الواجب ـ إلى جانب أسس أخرى كالقوانين الوضعية؟وعندما نتحدث عن الواجب ،ألا يحق لنا أيضا أن نتساءل :هل الواجب هو واجب تجاه الذات أم تجاه الآخرين؟


المحور الأول: الواجب و الإكراه

الحديث عن مفهوم الواجب يجرنا للتساؤل عما إذا كان إلزاما أم التزاما ؟بمعنى آخر هل ما نقدمه من واجب هو صادر عن رضى وطيب خاطر؟أم لأننا أرغمنا عليه؟

يذهب كانط إلى اعتبار الواجب هو القيام بالفعل احتراما للقانون ـالقانون الذاتي الأخلاقي القائم على الخير الأسمى، والمؤسس على العقل والإرادة ـ وعلى هذا النحو يكون المرجع الأساسي الذي يجب أن ينطلق منه الجميع هو العقل لأنه كوني بالنسبة للجميع. والحكم الأخلاقي إذ يصدر عن الإرادة الخيرة الحرة ـ التي مصدرها العقل هي الأخرى ـ فهو أيضا يمكن توصيفه بالكوني. 

اهتجس كانط بهاجس الكونية وهو يبني فلسفته النقدية بشكل عام. لذلك وضع قوانين تتسع رقعتها لتشمل الإنسان كمفهوم، أي الإنسان في صيغته المطلقة، مركزا على العقل والإرادة لطابعهما الكوني والمشترك. فالعقل العملي إلى جانب الإرادة هما المشرعين لمفهوم الواجب، الذي هو إكراه، من حيث هو فعل خاضع للعقل، وللحرية، لأن مصدره الإرادة. 

في حين يرى هيجل أن الأطروحة الكانطية مجرد نزعة صورية تفتقر إلى التجلي والتجسد في الواقع. فالواجب مع هيجل ذو طابع مؤسساتي وغايته هي إقامة الدولة القوية التي يبتدئ بناء صرحها من الفرد الذي ينصهر في الكل، بلغة صاحب الفينومنولوجيا " يجب على الفرد الذي يؤدي واجبه أن يحقق مصلحته الشخصية أو إشباعه وأن يتحول الشأن العام إلى شأن خاص بفعل وضعيته داخل الدولة. فان دل هذا فإنما يدل على أن المصلحة الخاصة تنصهر ضمن المصلحة العامة بحيث يضمن الفرد حمايتها. "فالفرد ـ يقول هيجل ـ الخاضع للواجبات سيجد في تحقيقها حمايته لشخصه ولملكيته باعتباره مواطنا، وتقديرا لمنفعته وإشباعا لماهيته الجوهرية، واعتزازا بكونه عضوا في هذا الكل؛ وبذلك يغدو الواجب مرتبطا بالدولة لا بالذات في وجودها الخالص. 

وعلى النقيض من ذلك يرى غويو أن الفعل الأخلاقي لا يجب أن يصدر عن إلزام و لا عن خوف من أي جزاء أو عقاب. إنما يكون هو فعلا تأسيسيا لمسار الحياة الذي لا ينتهي، و لغايات حددتها الطبيعة الإنسانية بوصفها فاعلية مطلقة نحو الحياة. لكن الواجب الأخلاقي من وجهة النظر الطبيعية هاته التي ليس فيها شيء غيبي، يرتد إلى القانون الطبيعي الشامل ، فمصدره هو الشعور الفياض "بأننا عشنا و أننا أدينا مهمتنا ... و سوف تستمر الحياة بعدنا، من دوننا، و لكن لعل لنا بعض الفضل في هذا الاستمرار". و المنحى نفسه يتخذه نيتشه حين يؤسس الأخلاق على مبدأ الحياة بوصفها اندفاع خلاق محض. إذ الفعل الأخلاقي عند نيتشه ما يخدم الحياة ويزيد من قوتها و ليس ما يضعف الحياة و يزيد من محدوديتها. هكذا هو الخير و الشر عند نيتشه.



المحور الثاني: الوعي الأخلاقي

يعتبر مفهوم الوعي الأخلاقي مفهوما مركزيا في الفلسفات الأخلاقية .فما هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الوعي؟

يرى روسو أن الوعي الأخلاقي إحساس داخلي موطنه وجداننا فنحن نحسه قبل معرفته ،وهو الذي يساعدنا على التمييز بين الخير والشر ،والحسن والقبيح،وهي إحساسات طبيعية وفطرية يسعى الإنسان من خلالها إلى تفادي ما يلحق الأذى به وبالآخرين،ويميل إلى ما يعود عليه وعلى الآخرين بالنفع.الأمر الذي يقوي لديه الوعي الأخلاقي فيجعله متميز عن باقي الكائنات الحيوانية الأخرى.

أما هيجل فانع يعتبر الوعي الأخلاقي هو الربط بين الواجب والمبادئ الأخلاقية.وفي هذا الإطار يميز هيجل بين الواجب بمعناه القانوني والواجب بمعناه الأخلاقي ،فإذا كان النوع الأول من الواجب يعتبر نموذجيا،فان النوع الثاني يفتقر إلى الطابع النموذجي،وذلك لقيامه على الإرادة الذاتية.لكن ،سرعان ما سيعكس هيجل هذا الحكم ،عندما سيعتبر الواجب القانوني واجبا يفتقر إلى الاستعداد الفكري،على عكس الواجب الأخلاقي الذي يستدعي ذلك الاستعداد،ويقتضي أن يكون مطابقا للحق في ذاته.وعلى هذا النحو يصبح للواجب الأخلاقي قيمة باعتباره وعيا ذاتيا وليس إلزاما خارجيا.

وفي مقابل هذين التصورين ،يذهب نيتشه إلى رفض كل التزام أخلاقي ، سواء من الناحية المبدئية أو من ناحية ادعائنا القدرة على تعميمه على جميع الذوات.إن اعتبار الالتزام الأخلاقي أساسيا للفعل الأخلاقي ،هو في نظره هو جهل بالذات وسوء فهم لها، وخصوصا عندما تدعي تلك الذات إمكانية تعميمه على كل الذوات الأخرى. وكبديل لهذا الالتزام، يشدد نيتشه على الأنانية الذاتية، بما تعنيه من هناء وخنوع وتواضع، باعتبارها أساسا للسلوك الإنساني عوض ذلك الالتزام الأخلاقي الزائف.

المحور الثالث: الواجب و المجتمع

ماهي الصلة التي يمكن إقامتها بين الواجب والمجتمع ؟ وكيف تتحدد واجبات الفرد تجاه المجتمع والآخرين؟

يرى دوركهايم بأن المجتمع يشكل سلطة معنوية تتحكم في وجدان الأفراد، و يكون نظرتهم لمختلف أنماط السلوك داخله، و من ثمة فالمجتمع يمارس نوعا من القهر و الجبر على الأفراد إذ هو الذي يرسم لهم معالم الامتثال للواجب الأخلاقي و النظم الأخلاقية عموما، و لما كانت الحال كذلك لأن الأفراد يُسلب منهم الوعي بالفعل الأخلاقي، لأنه لم يكن نابعا من إرادة حرة و واعية و إنما عن ضمير و وعي جمعيين هما المتحكمان في سلوكيات الأفراد. و بالتالي فالمجتمع سلطة إلزامية "و التي يجب أن نخضع لها لأنها تحكمنا و تربطنا بغايات تتجاوزنا.

و من ثمة فالمجتمع يتعالى على الإرادات الفردية، و يفرض السلوكيات التي يجب أن يكون بما فيها السلوكيات الأخلاقية لأن المجتمع "قوة أخلاقية كبيرة. فيحقق الأفراد غاية المجتمع لا غاية ذواتهم و الإنصات لصوته الآمر لأن "تلك المشاعر التي تملي علينا سلوكنا بلهجة آمرة صارمة و ضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع و لا يعبر إلا عنه.


أما ماكس فيبر فينصرف في حديثه عن الواجب الأخلاقي و الأخلاق عموما إلى القول بأن الأخلاق في مجملها تنقسم إلى نمطين اثنين: نمط أول موسوم بأخلاق الاقتناع ذات المظهر المثالي و المتعالي التي يكون فيها الفرد غير متحمل لأية مسؤولية، و إنما هي مركونة إلى المؤثرات و العوامل الخارجية التي لا يتدخل فيها الفرد، و إنما تطرح فيه بتأثير الأبعاد الدينية، بما هي صوت متعال يصدر أوامره، حيث إن " أخلاقية الاقتناع لن ترجع المسؤولية إلى الفاعل، بل إلى العالم المحيط و إلى حماقة البشر و إلى مشيئة الله الذي خلق الناس على بهذه الصورة.

و نمط ثان من الأخلاق هو ما أطلق عليه أخلاق المسؤولية، التي تصدر من الذات الفردية و تتأسس على الوعي الفردي الحر، إذ "نحن مسئولون عن النتائج التي تمكن توقعها لأفعالنا"، و لا ترجع المسؤولية إلى بعد خارجي قسري، لا علاقة لهذه الأخلاق بالقدر أو بالحظ.


لكن جون راولز صاحب نظرية العدالة في الفكر السياسي المعاصر، فيذهب الى أن الواجب الأخلاقي باعتباره نمطا من التضامن الذي يبنيه و يؤسسه الجيل السابق للجيل اللاحق، حتى يستطيع الجيل الأول أن يوفر كل إمكانيات العيش الرغيد و المريح. فكل جيل يتحمل على كاهله مسؤولية تأمين المستقبل الذي لا يجعل الجيل اللاحق في حالة من الضياع و التشتت.

و كثيرة هي المناحي التي ينبثق منها هذا الواجب الأخلاقي بما هو تضامن بين الأجيال ، و هذا التضامن هو خدمة للمجتمع عموما و تقسيم الثروات بشكل عادل. 

خاتمة

انطلاقا مما سبق التطرق إليه من مواقف نجد أن الواجب الأخلاقي مفهوم يتراوح بين عدة أنظار و مواقف متباينة لا تتعارض أكثر مما تكون صورة بانورامية حوله، فمنهم من جعل من الواجب إرادة حرة و مطلقة في مقابل رأي معاكس إذ يرى النقيض، حيث جعل من الواجب الأخلاقي جزءا لا يجتزئ عن سلطة من السلط إما نفسية أو دينية أو غير ذلك...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
المدير العام
المدير العام



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 4797
نقاط : 8690
السٌّمعَة : 481
تاريخ التسجيل : 09/12/2011
الموقع : https://wwpr.forummaroc.net/

الأوسمة
 :

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالسبت نوفمبر 08, 2014 8:36 am

شكرا لك ايها الفاضل على هذه المساهمة القيمة وجعلها  الله في ميزان حناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wwpr.forummaroc.net
خادم المنتدى
الادارة والتواصل
الادارة والتواصل
خادم المنتدى


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5804
نقاط : 8802
السٌّمعَة : 159
تاريخ التسجيل : 11/05/2012
الموقع : منتدى الفردوس المفقود
العمل/الترفيه : أستاذ/الأنترنيت/ القراءة

دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية    دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية  Emptyالأربعاء يناير 07, 2015 12:51 pm

-**********************-
أخي الفاضل: hommane
إفادة طيبة
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك...
على ما تفضلت بانتقائه و تقديمه لنا

تحياتيــــــ
-******-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wwpr.forummaroc.net/
 
دروس الفلسفة للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دروس الانجليزية للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية
» دروس الفرنسية للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية
» دروس التربية الاسلامية للثانية بكالوريا مسلك العلوم الفيزيائية
» الثانية بكالوريا مسلك علوم الحياة و الأرض و العلوم الفيزيائية و العلوم الزراعية
» دروس الفيزياء والكيمياء مسلك العلوم الفيزيائية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الفردوس المفقود :: المنتدى التربوي التعليمي :: الباكالوريا-
انتقل الى: